انتهى ما في المدارك وهو جيد ولكن قد يستشعر من صدر عبارة المسالك وذيلها ان حكمه بأولوية الاتيان بها مقصورة من تركها رأسها من باب كونه احتياطا لا كونه كذلك في الواقع حتى يثبت بذلك شرعيته في الواقع والا لتوجه عليه مضافا إلى ما ذكر ان الأولوية ان سلمت فهي ظنية فلا يلتفت إليها في الأحكام الشرعية وكيف كان فلا شبهة في أن الأحوط هو الاتيان بها مقصورة في الوقت وقضائها في خارجه بل قد يتوهم وجوبه لكونه شكا في المكلف به ويدفعه عدم كون التكليف بالأداء والقضاء في مرتبة واحدة كي يتردد التكليف المعلوم بالاجمال بينهما حتى يكون اثره وجوب الاحتياط إذ القضاء على تقدير ترك الصلاة في وقتها ليس مجرى للأصل بل هو معلوم الوجوب والأداء غير ثابت في حقه لأنه ان كان تكليفه في الواقع الرباعية فقد سقط بالتعذر وان كان ثنائية فلم يتنجز في حقه بواسطة الجهل فأصالة عدم شرعيتها و وجوبها عليه سليمة عن المعارض والله العالم رب يسر ولا تعسر في صلاة المسافر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الفصل الخامس في صلاة المسافر وهى في الفرائض اليومية الرباعية مقصورة على الركعتين بلا خلاف فيه فتوى ونصا كتابا وسنة فعن الصدوق في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما قالا قلنا لأبي جعفر ع ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي فقال إن الله عز وجل يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا انما قال الله عز وجل ليس عليكم جناح ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر فقال ع أوليس قد قال الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه بنبيه ص وكذلك التقصير شئ صنعه النبي ص وذكره الله تعالى في كتابه قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا فقال إن كان قد قرأت عليه اية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم تكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلاة في السفر الفريضة ركعتان الا المغرب فإنها ثلث ليس فيها تقصير تركها رسول الله ص في السفر والحضر ثلث ركعات وقد سافر رسول الله ص إلى ذي خشب وهى مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وافطر فصارت سنة وقد سمى رسول الله ص قوما صاموا حين افطر العصاة قال فهم العصاة إلى يوم القيامة وانا لنعرف أبنائهم و أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه فهذا اجمالا مما لا شبهة فيه بل من الضروريات والنظر في هذا المبحث انما هو في الشروط والقصر ولواحقه اما الشروط فستة الأول اعتبار المسافة بلا خلاف فيه بين الفريقين على ما صرح به شيخنا المرتضى ره وغيره عدى ما حكى عن داود الظاهري من أنه لم يعتبرها بمعنى انه لم يجعلها محدودة بحد بل اكتفى بحصول مسمى السفر قليلا كان أم كثيرا ويحتمل ان يكون المراد باعتبار المسافة احرازها بل لعل هذا المعنى انسب بسوق التعبير والا لكان ذكر لفظ الاعتبار مستدركا وهى على ما ذهب إليه علمائنا أجمع كما صرح به في المدارك وغيره مسير يوم بريدان أربعة وعشرون ميلا ويدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة وصحيحة أبى أيوب عن أبي عبد الله ع قال سألته عن التقصير فقال في بريدين أو بياض يوم وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يخرج في سفره وهو مسيرة يوم قال يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم وان كان يدور في علمه ورواية أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع في كم يقصر الرجل قال في بياض يوم أو بريدين وخبر أبي أيوب عن أبي عبد الله ع قال سألته عن التقصير قال في بريدين أو بياض يوم وخبر عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة وعشرون ميلا ومضمرة سماعة قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة قال في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ الحديث و رواية عيض بن القاسم عن أبي عبد الله ع قال والتقصير حده أربعة وعشرون ميلا وخبر الفضل بن شاذان المروى عن الفقيه والعلل والعيون عن الرضا ع قال وانما يجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة الف سنة وذلك لان كل يوم بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال قلت له كم أدنى ما يقصر فيه الصلاة فقال جرت السنة ببياض يوم فقلت له ان بياض يوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ويسير الآخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في يوم قال فقال إنه ليس إلى ذلك بنظر اما رأيت سير هذه الأثقال بين مكة والمدينة ثم اوتى بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه ولا يعارضها ما عن الصدوق في الصحيح عن زكريا بن آدم انه سئل أبا الحسن الرضا ع عن التقصير في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جاير فيها يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن فكتب التقصير في مسيرة يوم وليلة وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ع قال وسألته عن الرجل يريد السفر في كم يقصر قال في ثلاثة برد وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال
(٧٢١)