فوجب ان يتعين فيها الفاتحة والا لا تصلح لان تقع نافلة إذ لا صلاة الا بها بل لو قلنا بجواز التسبيح في النافلة أيضا اتجه المنع هيهنا لما في غير واحد من اخبار الباب من التصريح بان يقرء فيها فاتحة الكتاب وظاهرها التعين وقيل بالثاني لأنها قائمة مقام ثالثة ورابعة فيثبت فيها التخيير كما يثبت في المبدل والأول أشبه بل الثاني يشبه ان يكون اجتهادا في مقابل النص وقد ظهر بما أشرنا إليه من كون الاستقلال وصلاحيتها للوقوع نافلة مرعية في شرعها انه لابد فيها من النية وتكبيرة الاحرام كما صرح به غير واحد بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ولكن حكى عن القطب الراوندي التصريح بكون المسألة خلافية بل ربما يستشعر من العبارة المحكية عنه كون القول بالخلاف اشهر حيث نقل عنه في شرح النهاية الطوسية أنه قال من أصحابنا من قال إنه لو شك بين اثنتين والأربع أو غيرهما من تلك الأربعة فإذا سلم وانصرف قام ليضف ما شك فيه إلى ما يتحقق قام بلا تكبيرة الاحرام ولا تجديد نية ويكتفي في ذلك بعلمه وارادته وأقول ولا تصح نية مترددة بين الفريضة والنافلة على الاستيناف وان صلاة واحدة تكفيها نية واحدة وليس في كلامهم ما يدل على خلافه وقيل ينبغي ان ينوي انه يؤدى ركعات الاحتياط قربة إلى الله ويكبر ثم يصلي انتهى وفي الحدائق بعد نقل العبارة المزبورة قال وهذا القول وان لم يشتهر نقله بين الأصحاب الا ان اطلاق الأخبار المتقدمة في الامر بالاحتياط بعضده فان أقصى ما تضمنته تلك الأخبار انه يقوم ويركع ركعة أو ركعتين من قيام أو جلوس وليس فيها على تعددها وكثرتها تعرض لذكر تكبيرة الاحرام كما لا يخفى على من راجعها مع اشتمالها على قراءة الفاتحة والتشهد والتسليم والمقام مقام البيان لأنها مسوقة لتعليم المكلفين فلو كان ذلك واجبا لذكر ولو في بعض كما ذكر غيره مما أشرنا إليه انتهى أقول لا يخفى على من راجع الأخبار الخاصة التي ورد فيها الامر بصلاة الاحتياط ان جلها ان لم يكن كلها ظاهرة في كونها صلاة منفردة شرعت لتدارك النقص الذي يحتمله فليس حالها الا حال سائر الموارد التي لا تحصى كثرة مما ورد فيها الامر بان يصلي ركعتين من قيام أو جلوس من غير تعرض في شئ منها لذكر النية والتكبير تعويلا على ما تقرر في الشريعة من أنه لا صلاة بغير افتتاح ولا عمل الا بنية واما ما ذكره قطب الدين من أنه لا تصح نية مترددة بين الفريضة والنافلة ففيه ان هذا الترديد ذاتي للمأمور به بمقتضى شرعه فلا يعقل ان يكون قصده مانعا عن صحته واما قوله ان صلاة واحدة تكفيها نية واحدة ففيه ان الوحدة ممنوعة فتلخص مما ذكر ان الحق ما هو المشهور من أنها صلاة منفردة روعى فيها جانب الجزئية وتوهم ان تخلل التكبير ينافي رعاية الجزئية إذ على تقدير الحاجة تقع تكبيرة الاحرام زائدة وهي ركن تبطل الصلاة بزيادتها ولو سهوا مدفوع أولا بان ايقاع التكبير فاتحة الصلاة الاحتياط الراجع لدى التحليل إلى قصد الاتيان به تحرزا عن وقوع عمله لغوا على تقدير كون صلاته تامة لا تعد زيادة في الفريضة كما يظهر وجهه مما مر في محله وثانيا انه بعد ما أشرنا إليه من ظهور النصوص والفتاوي في كونها صلاة منفردة شرعت لجبر النقص على تقدير الحاجة لا يبقى مجال لهذا التوهم إذ القواعد العامة لا تعارض الأدلة الخاصة ثم إنه يظهر مما أشرنا إليه من كون الجزئية مرعية في شريعتها كما يفصح عن ذلك جملة من الروايات الواردة فيها انه لابد من الاتيان بها على وجه يصلح وقوعها تتمة للنقص بان يراعى فيها الشرائط المعتبرة في الأخيرتين من الفريضة من الاستقبال والاستقرار والاخفات بالقراءة ونحوها عدى ما ثبتت الرخصة في مخالفته مثل الاتيان بركعتين من جلوس بدلا من الركعة من قيام فلو صلى الفريضة لدى اشتباه القبلة إلى جهة وجب ان يصلى الاحتياط أيضا إلى تلك الجهة كما عن بعضهم التصريح به رعاية لهذه القاعدة كما أن قضية كونها صلاة منفردة احتياجها إلى التشهد والتسليم كالتحريم مضافا إلى دلالة الاخبار بذلك مع كون التشهد والتسليم محتاجا اليهما على تقدير النقص أيضا لوقوعهما في الأصل في غير محلها و (هل) تبطل بتخلل الحدث قولان كما أشار اليهما المصنف رحمه الله بقوله الثالثة لو فعل ما يبطل الصلاة قبل الاحتياط قبل تبطل الصلاة ويسقط الاحتياط وربما نسب هذا القول إلى الأكثر كما عن المفاتيح بل إلى المشهور كما عن المصابيح لأنها معرضة لان تكون تماما كما يفصح عن ذلك الامر باتمام ما نقص في موثقة عمار والحدث ونحوه يمنع من ذلك فان مقتضى وقوع الاحتياط تتمة للصلاة كما هو ظاهر النص حصول الحدث في الأثناء فتبطل وكونه مسبوقا بالتسليم غير مجد لوقوعه في غير محله فيكون ملحقا بالسهو والا لكان مانعا عن انضمام اللاحق بسابقة و يشهد له أيضا انه قد امر بسجدتي السهو مع التكلم بين صلاة الأصل والاحتياط في خبر ابن أبي يعفور الوارد فيمن لا يدرى صلى ركعتين أم أربعا فقال يتشهد وينصرف ثم بقوم فيصلي ركعتين وأربع سجدات يقرء فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد ثم يسلم فان كانت أربعا كانت هاتان نافلة وان كان صلى ركعتين كان هاتان تمام الأربع وان تكلم فليسجد سجد في السهو بناء على إرادة التكلم بين الصلاتين وقيل لا تبطل كما عن الحلي والفاضل في بعض كتبه والشهيدين وجماعة من متأخري المتأخرين وقواه شيخنا المرتضى رحمه الله فإنها صلاة منفردة فالامر بالاتمام في الموثقة كناية عن فعل المتمم بصلاة مبتدئة يجب فيها الافتتاح ويتعين الفاتحة ويجوز الجلوس فهي ليست بجزء حقيقي لتلك الصلاة بحيث يصدق معه وقوع الحدث في الأثناء بل هي بدل من النقص بحكم الشارع وكونها بدلا لا يوجب مساواتها للمبدل في كل حكم ودعوى ان التسليم وقع في غير محله (فيكون) ملحقا بالسهو ولا يتحقق به الانصراف مدفوعة بان التسليم وقع بأمر الشارع بعد البناء على الأكثر فهو واقع في محله وقد تحقق به الانصراف ووقع الحدث بعده لا في أثناء الصلاة وان سلم وقوعها جزء منها حقيقة كما لعله أوفق بظواهر النصوص فنقول ان الشارع لم يعتبر الاتصال في هذا الجزء بل أوجب الاتيان به بعد الانصراف عن صلاة الأصل بتحريم مستأنف فيكون افتتاحها لصلاة الاحتياط بمنزلة الرجوع إلى تلك الصلاة التي وقع النقص بعد خروجه منها فالزمان المتخلل بين التسليم والتحريم لا يعد من أكوان الصلاة فالحدث الواقع فيه يقع في خارج الصلاة لا في أثنائها واما الخبر الذي ورد فيها الامر بسجود السهو ففي دلالته على المدعى نظر إذ لا شاهد على إرادة التكلم بين الصلاتين
(٥٧٢)