رفع اليد عن الصلاة التي تلبس بها بعد حصول الصلاة الواجبة كفاية بفعل غيره ودعوى حرمة قطعها اخذا بعموم الآية الناهية عن ابطال العمل قد عرفت ضعفها لدى التكلم في حرمة قطع الفريضة وعن الشيخ توجيه هذه الرواية بالحمل على إرادة انه لا يقضي كما كان يبتدء بها من الفصل بينها بالدعاء وانما يقضي متتابعا وهو لا يخلو من بعد ثم إن مقتضى الصحيحة الأولى ان من كان هذا شأنه لا يدعو بين التكبيرات الباقية بل يأتي بها ولاء كما هو ظاهر المتن وغيره بل صريح جملة منهم سواء تمكن من الاتيان بالدعاء بينها قبل وقوع ما ينافي الصلاة من البعد والانحراف أم لا وحكى عن العلامة في بعض كتبه وجملة ممن تأخر عنه تقييد ذلك بما إذا خاف فوت الجنازة من محل يجوز الصلاة عليها اختيارا بل عن المحدث المجلسي في البحار نسبته إلى الأكثر حيث قال على ما حكى عنه وقال الأكثر ان أمكن الدعاء يأتي بأقل المجزي والا يكبر ولاء من غير دعاء وفي الحدائق بعد ان نقل كلام المجلسي ونقل أيضا عن الشهيد في الذكرى انه احتمل وجوب الدعاء مع الاختيار مستدلا عليه بعموم أدلته وخصوص النبوي ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا فان ظاهره إرادة مطلق ما قاله أعم من التكبير والدعاء قال ويشكل بان ظاهر الأخبار المذكورة بالنظر إلى حمل مطلقاتها على مقيدها هو التكبير ولاء أمكن الاتيان بالأذكار قبل وقوع ما ينافي ذلك من البعد والانحراف عن الميت والقبلة أم لم يكن والتخصيص بما ذكروه يحتاج إلى دليل واضح وما استند إليه من العموم على وجه يشمل محل البحث ممنوع والحديث الذي نقله يعني النبوي غير معلوم كونه من طرقنا بل الظاهر كونه من الأخبار العامية انتهى أقول يحتمل قويا جرى الصحيحة مجرى الغالب من صورة خوف رفع الجنازة وعدم التمكن من اتمام الصلاة على النهج المعهود مع أن الامر بالاتيان بقضاء ما بقي متتابعا وارد مورد توهم الحظر فلا يستفاد منه أزيد من الرخصة في ترك الدعاء ولو سلم ظهورها في ذلك فليس بأقوى من ظهور سائر الروايات المزبورة في إرادة الاتيان بما بقي من صلاته لا خصوص التكبير فإنه وان ورد في أغلبها التعبير باتمام التكبير ولكن المراد بالتكبير الوارد فيها بحسب الظاهر ما يعم الأدعية والأذكار المعتبرة في خلالها والتعبير بالتكبير بلحاظ كون التكبير هو المقوم لهذه الصلاة كالركوع في اليومية كما يفصح عن ذلك التدبر في نفس تلك الأخبار فان فيها شواهد على ذلك كما لا يخفى على المتدبر وكيف كان فالذي يقوى في النظر بالنظر إلى ظواهر مجموع الأخبار جواز الاتيان بما بقي من التكبيرات متتابعا مطلقا سواء بقيت الجنازة بين يديه أم رفعت كما هو مقتضى اطلاق الصحيحة ودعوى ورودها مورد الغالب من صورة خوف الفوات قابلة للمنع وجواز اتمام الصلاة على النحو المعهود اي الاتيان بما بقي من التكبير والدعاء على النهج المتعارف مطلقا كما هو مقتضى ظاهر صحيحة عيص ومرسلة القلانسي وخبر الدعائم ولا منافاة بينهما لا لمجرد كون الحكم استحبابيا فيمكن مشروعية المطلق والمقيد جميعا كما تقدم تحقيقه غير مرة بل لما تقدمت الإشارة إليه من عدم دلالة الصحيحة الا على الرخصة في ترك الدعاء لا تعينه فيمكن الاستشهاد له أيضا بعمومات أدلته كما لا يخفى ولكن الأحوط لدى دوران الامر بين الاتيان بما بقي من التكبير ولاء مع حفظ سائر الشرائط من الاستقبال والاستقرار وبقاء الميت بين يديه وبين الاتمام مع اختلال شئ من ذلك الأول كما أن الأولى لدى الاتيان بالدعاء الاقتصار على أقل المجزي كما أشير إليه في رواية علي بن جعفر المتقدمة إذ الظاهر أن المراد بالتخفيف المأمور به في هذه الرواية هو هذا المعنى فيكون المراد بقوله ويبادره دفعة ان يأتي به بلا فصل يعتد به ويحتمل ان يكون المراد بالتخفيف ترك الدعاء فيكون بمنزلة التأكيد لقوله يبادره دفعة فليتأمل وكيف كان فقد ظهر بما مر عدم اشتراط جواز الاتمام ببقاء الجنازة بين يديه بل لو رفعت الجنازة أو دفنت في موضعها أتم ما بقي من غير أن يتخلف عنها في مكانه الذي تلبس فيه بالصلاة عليها بل يمشي معها ويأتي بالباقي ولو على القبر كما يدل عليه خبر القلانسي الذي وقع فيه التصريح بأنه يتم التكبير وهو يمشي معها فإنه يستفاد مما ذكر فيه بعد هذه الفقرة من قوله فإذا لم يدرك التكبير اي مع الامام كبر عند القبر فإن كان أدركهم وقد دفن كبر على القبر مشروعية الاتمام عند القبر أو عليه بعد الدفن بالفحوى * (المسألة الثانية) * إذا سبق المأموم الامام بتكبيرة أو ما زاد استحب له اعادتها مع الامام كما صرح به المصنف وغيره ومقتضى اطلاق كلامهم في لفرق في ذلك بين ما لو سبقه سهوا أو عمدا ولكن عن الشهيد في الذكرى أنه قال لو سبق المأموم بتكبيرة فصاعدا متعمدا ثم وأجزء ولو كان ناسيا أو ظانا فلا اثم وأعادها معه ليدرك فضيلة الجماعة وفي إعادة العامد تردد من حيث المساواة لليومية في عدم إعادة العامد ولأنها أركان زيادتها كنقصانها ومن انها ذكر الله فلا تبطل الصلاة بتكرره انتهى وعن الشهيد الثاني في الروض أنه قال ويستحب للمأموم إعادة ما سبق به من التكبير على الامام ظانا أو ناسيا ليدرك فضيلة الجماعة كما يرجع إليه في اليومية لو ركع أو رفع قبله ولا ينقطع بذلك القدوة ولو كان متعمدا ففي الإعادة اشكال من أن التكبير ركن فزيادته كنقصانه ومن كونه ذكر الله تعالى ولا ريب ان في لعود هنا أولى انتهى وقال في المسالك بعد قول المصنف استحب له اعادتها مع الامام ما لفظه ان سبقه سهوا أو ظنا انه كبر اما لو تعمد استمر متأنيا حتى يلحقه الامام ويأثم في الأخير انتهى و في المدارك بعد نقل عبارة المسالك قال وفي الحكمين معا اشكال خصوصا الثاني لأن التكبير الواقع على هذا الوجه منهى عنه والنهي في العبادة يقتضي الفساد فلو قيل بوجوب الإعادة مع العمد كان جيدا ان لم تبطل الصلاة بذلك أقول ستعرف في مبحث الجماعة ان التقدم على الامام في جزء أو جزئين ليس موجبا لبطلان القدوة ولا لفساد ذلك الجزء فيجب فيم إذا كان ذلك في مثل الركوع أو السجود الذي تبطل الصلاة بزيادته ان كان عمدا ان يستمر متأنيا حتى يلحقه الامام ومع السهو اعادته للأدلة التعبدية الدالة عليه الواردة في الفريضة ولكن لا دليل على كون زيادة التكبير مبطلة لهذه الصلاة خصوصا إذا كان بقصد التبعية ورجاء المطلوبية فان أدلة مبطلية الزيادة على تقدير تسليم شمولها لصلاة الأموات لا نسلم شمولها لمثل هذه الزيادة المأتى بها يقصد
(٥١١)