على تقدير تحققه ضعيف ونظيره في الضعف القول بأن الجمعة كغيرها ليس فيها الا قنوت واحد قبل الركوع في الثانية كما استظهر من العبارة المتقدمة على الفقيه وأوضح منها دلالة على اتحاد القنوت في الجمعة ما عن الحلي في السرائر من أنه بعد ذكر اختلاف الروايات في قنوت الامام يوم الجمعة وان بعضها تدل على أن عليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع وبعضها على أن عليه قنوتان ما لفظه والذي يقوى عندي ان الصلاة لا يكون فيها الا قنوت واحد اية صلاة كانت هذا الذي يقتضيه مذهبنا واجماعنا فلا يرجع عن ذلك باخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا عملا انتهى ولكن لا صراحة في هذه العبارة في ارادته في الركعة الثانية فيحتمل ان يكون محط نظره نفي تعدد القنوت لا كونه في الجمعة أيضا كغيرها في الركعة الثانية فان أراد كونه فيه لا في الركعة الثانية كما هو ظاهره العبارة المحكية عن الفقيه ففيه انه يستلزم طرح اخبار مستفيضة مصرحة بان في الركعة الأولى من الجمعة قنوت كالاخبار المتقدمة وغيرها مما ستعرف وان أراد انكار تعدده مع التزامه بأنه في الأولى كما حكى القول عن الشيخ المفيد في المقنعة والفاضل في المختلف فربما يشهد له جملة من الأخبار المشرفة أو الظاهرة فيه منها صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث وتجهر فيها اي في الجمعة بالقراءة وتقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع ومنها صحيحة معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في قنوت الجمعة إذا كان اماما قنت في الركعة الأولى وان كان يصلى أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة الحديث وصحيحة عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت يوم الجمعة فقال أنت رسولي إليهم في هذا إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى وإذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام ان القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى ويتوجه على الاستدلال بهذا الاخبار لهذا القول إن غايتها الظهور في أنه ليس في الجمعة الا قنوت واحد في الركعة الأولى فلا تصلح معارضته للأخبار المتقدمة التي هي صريحة الدلالة على مشروعية القنوت في الثانية أيضا بعد الركوع بل صحيحة أبي بصير واردة على مثل هذا الاخبار حيث إنه وقع في كلام السائل التعرض لنفلها اجمالا ولكن الإمام عليه السلام لم يجبه عن ذلك بنفي واثبات وانما اجابه بقوله في الأخيرة على سبيل الاجمال من باب التورية فلما رأى غفلة الناس التفت إلى أبي بصير وبين له صدق كلامه الحديثين ومطابقتهما للواقع وان في الجمعة قنوتين فلا يبعد ان يكون في لتعرض لثانيهما في الأخبار المزبورة المشعرة والظاهرة في أنه ليس فيها القنوت الا في الركعة الأولى لعدم تأكد مطلوبيته في الثانية وكيف كان فهي غير صالحة لمعارضة تلك الأخبار كما أنه لا يصلح لمعارضتها بعض الأخبار التي يظهر منها عدم مشروعية القنوت في الجمعة رأسا كخبر عبد الملك بن عمر وقال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع فقال لي لا قبل ولا بعد وخبر داود بن الحصين قال صمعت معمر بن أبي رئاب يسئل أبا عبد الله (ع) وانا حاضر عن القنوت في الجمعة قال ليس فيها قنوت لقصورهما عن المكافئة من جميع الوجوه فيجب حملهما اما على إرادة نفي الوجوب أو التقية أورد علمهما إلى أهله و حكى عن ابن أبي عقيل موافقة المشهور في أن للجمعة قنوتين ولكنه استظهر منه انه جعل القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع واستدل له بقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع وغيره من العمومات الدالة على أن القنوت في كل صلاة محله قبل الركوع وفيه ما لا يخفى من عدم صلاحيته العمومات لمعارضة النصوص الحاصة المصرحة بخلافها تنبيه يستحب للمأموم المسبوق متابعة الامام في القنوت ويجوز الاجتزاء به عن القنوت لنفسه كما يشهد له موثقة عبد الرحمن أو صحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يدخل في الركعة الأخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه قال نعم ويجزيه من القنوت لنفسه و يستشعر من قوله صلى الله عليه وآله ويجزيه كونه من باب الرخصة كما أن هذا هو الذي يقتضيه اطلاقات أدلته التي لا ينافيها ما يستفاد من هذه الرواية إذ لا مانع عن أن يكون القنوت في الركعة الثانية على الاطلاق محبوبا للشارع وان جاز الاجتزاء عنه بمتابعة الامام في قنوته كما يجوز الاكتفاء بسماع اذان الغير فلا يفهم منه إرادة ما عداه من المطلقات كما لا يخفى على المتأمل ولو نسبه اي القنوت قبل الركوع قضاه بعد الركوع وقد أشرنا فيما سبق عند التكلم في محل القنوت ان الأظهر شرعية الاتيان به بعد الركوع فيما لو تركه عمدا أيضا واما مع السهو فلا خلاف فيه على الظاهر ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا سئلنا أبا جعفر (ع) عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع قال يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شئ عليه وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت ينساه الرجل فقال يقنت بعد ما يركع وان لم يذكر حيت ينصرف فلا شئ عليه وموثقة عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل ذكر انه لم يقنت حتى ركع قال فقال يقنت إذا رفع رأسه ولا يعارضهما صحيحة معاوية بن عمار المروية عن التهذيب قال سئلته عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع أيقنت قال لا فإنها محمولة على نفي الوجوب أو عدم تأكد الاستحباب بشهادة ما عرفت بل ربما يشهد له أيضا خبر علي بن جعفر المروي عن كتابه عن أخيه موسى عليه السلام قال قال سئلته عن رجل نسي القنوت حتى ركع ما حاله قال تمت صلاته ولا شئ عليه وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر قال ليس عليه شئ وقال وان ذكره وقد اهوى إلى الركوع قبل ان يصنع يديه على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ثم ليركع وان وضع يديه على الركبتين فليمض في صلاته وليس عليه شئ ولو لم يذكره بعد الركوع أيضا يستحب قضائه بعد الخروج من الصلاة لما رواه الشيخ باسناده عن أبي بصير قال سمعته يذكر عند أبي عبد الله (ع) قال في الرجل إذا سهى في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس بل يستحب تداركه ولو مع حصول الفصل الطويل كما يشهد له صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل ينسى القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال ليستقبل القبلة ثم ليقله ثم قال إني لا كره للرجل ان يرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أو يدعها الثالث من المسنون في الصلاة شغل النظر في حال قيامه إلى موضع سجوده كما يدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قمت في الصلاة إلى أن قال وليكن نظرك إلى موضع سجودك الحديث ويدل عليه وعلى كراهة الطرف نحو السماء أيضا صحيحته الأخرى أو حسنته
(٣٩٤)