والأخيرتين من الرباعيات ليس فيهن قراءة وانما هي تسبيح وتهليل ودعاء ولكن الشارع رخص في الاجتزاء عما هي وظيفتهما بقراءة الفاتحة لأنها ذكر و دعاء كما نطق بذلك صحيحة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب انها ذكر ودعاء فيندفع بهذه الصحيحة التنافي بين الروايات الكثيرة الدالة بظاهرها على عدم مشروعية القراءة في الأخيرتين وما دل على جواز قراءة الفاتحة فيهما كما شرحناه في محله ومن هنا يظهر ان الروايات الدالة على ضمان الامام للقرائة على عكس المطلوب أدل لما فيها من التصريح بأنه ليس يضمن الامام شيئا مما عدى القراءة فإذا ضم ذلك إلى الصغرى التي تضمنتها تلك الأخبار من أن الأخيرتين لا يقرء فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء وليس فيهما القراءة انتج ان الامام لا يضمن شيئا مما شرع في الأخيرتين لأنه ليس فيهما قراءة ولا منافاة بينه وبين شرعية الاجتزاء بالفاتحة كما عرفت وقد ظهر أيضا بما ذكرناه ضعف الاستشهاد بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة الأولى ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فإنه لا يقتضى سقوط التسبيح والذكر الذي هو الأصل فيما شرع في الأخيرتين كما عرفت واما صحيحة علي بن يقطين فيتوجه على الاستدلال بها انه وان استظهرنا منها بواسطة بعض التقريبات المذكورة في مبحث القراءة إرادة الأخيرتين من الرباعيات ولكنه لا وثوق بذلك لقوة احتمال إرادة الأوليين من الاخفاتية كما جزم به غير واحد فيشكل الاعتماد عليه في مقابل ما ستعرف مع أنه يحتمل قويا ان يكون المراد بقوله وان شاء سكت بقرينة المقابلة هو السكوت عن القراءة أي تركها لا السكوت على الاطلاق كي ينافيه وجوب التسبيح بل يتعين صرفه إلى ذلك لو لم نقل بانصرافه إليه جمعا بينه وبين ما سيأتي مما ظاهره وجوب التسبيح واما خبر سليمان فالمتبادر منه خصوصا بقرينة قوله يكله إلى الامام انما هو إرادة الأوليين من الاخفاتية وقول السائل وهو لا يعلم أنه يقرء لا يصلح صارفا له عن هذا الظهور لامكان توجيهه بوجوه أضعفها احتمال وروده في المسبوق كما تقدمت الإشارة إليها في حكم الأوليين فراجع واما صحيحة زرارة الثانية التي استدل بمفهومها على المدعى فتقريب دلالتها على المدعى هو انه لو لم يكن التكليف ساقطا عن المأموم لكان مشاركا مع الامام والمنفرد في مطلوبية التسبيح منه عند نهيه عن القراءة إذ لا يجب عليه شئ اخر اجماعا فلم يكن مقتض لإطالة الكلام وتقييد موضوع طلب التسبيح منه بما إذا كان اماما أو وحده مع كونه في الواقع أعم و فيه انه يمكن ان يكون التقييد بملاحظة القيد الواقع في خير الطلب وهو كونه ثلث مرات فإنه بالنسبة إلى المأموم غير محدود بهذا الحد إذ الراجح في حقه التشاغل بالتسبيح والذكر ما لم يركع الامام ولحوقه به إذا ركع سواء أكمل التسع تسبيحات أم زاد أو نقص هذا مع امكان عدم كون حال المأمومية ملحوظا في الرواية وكون المراد غير الامام في قوله اماما كنت أو غير امام حالة الانفراد كما أنه يحتمل عكسه بان يكون المراد بقوله وحدك ما يقابل الإمامة بقرينة الصدور وانه لولا إرادة الأعم للزم ترك التعرض لحكمه حال المأمومية وهو بعيد وكيف كان فغاية ما يمكن ادعائه انه يستشعر من ترك التعرض لحكم المأموم وتخصيص الامام والمنفرد بالذكر انه لا شئ عليه واما الدلالة فلا وعلى تقدير تسليمه فلا يصلح معارضا لصحيحة ابن سنان غيرها من الروايات الآتية الدالة بظاهرها على عدم سقوط التكليف عنه رأسا حجية القول يتعين التسبيح وسقوط القراءة مطلقا سواء كانت الصلاة جهرية أم اخفائية عموم الروايات الناهية عن القراءة خلف الإمام عموما وخصوص صحيحة زرارة الأولى المصرحة بالنهي عن القراءة في الأخيرتين خلف الامام واما صحيحته الثانية الناهية عن القراءة في الأخيرتين على الاطلاق اما ما كان أو غيره فالنهي فيها غير مستعمل في حقيقته جزما فلا يصح الاستشهاد بها للمعدى ورواية جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يقرء الامام في الركعتين في اخر الصلاة فقال الامام يقرء بفاتحة الكتاب ولا يقرء من خلفه ويقرء الرجل فيهما إذا صلى وحده بفاتحة الكتاب بضميمة الأصل الذي تقدمت الإشارة إليه القاضي بتعين التسبيح عند سقوط الفاتحة وخصوص صحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين قال الامام يقرء فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرء فيهما وان شئت فسبح وفيه ان الروايات الناهية عن القراءة خلف الإمام منصرفة إلى الأوليين كما تقدمت الإشارة إليه مع أن النهى فيها محمول على الكراهة خصوصا بالنسبة إلى الاخفاتية كما عرفت ومن هنا ظهر لك امكان الخدشة في صحيحة زرارة حيث إنه علل فيها النهى عن القراءة في الأخيرتين بتعيينهما للأولتين فلا تزيدان على الأصل قضية للتبعية مع أن موردها بحسب الظاهر الجهرية فهي أخص من المدعى واما صحيحة معاوية فسوقها يشهد بان مطلوبية التسبيح من المأموم على نسق مطلوبية قراءة الفاتحة من الامام وحيث علم أن ذلك بالنسبة إلى الامام من باب الأفضلية لا يبقى له ظهور بالنسبة إلى المأموم أيضا في إرادة الوجوب عينا وعلى تقدير التسليم يجب رفع اليد عنه بالحمل على الأفضلية بالنسبة إلى الصلاة الاخفاتية جمعا بينه وبين صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرء خلفه في الأوليين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت أي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب فان قوله يجزيك التسبيح خصوصا بعد تقييد النهى عن القراءة بالأوليين ظاهر في عدم تعين التسبيح عليه وجواز الاتيان بالفاتحة بل قد يستشعر من أفضلية الفاتحة وكون التسبيح أدنى ما يجزى ولكنه لا يلتفت إلى مثل هذا الاشعار في مقابل الصحيحة السابقة وغيرها مما هو كالنص في أفضلية التسبيح ولا ينافيه قوله عليه السلام بعد ان سئله عما يقوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب إذ الإمام عليه السلام لم يكن يصلى مأموما الا صورة من باب التقية فلم يكن التسبيح في حقه أفضل وما احتمله بعض من أن يكون قوله أي شئ تقول أنت سؤالا عما يراه راجحا في حقه فيكون قوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب
(٦٤٣)