عن أبي عبد الله نحوه بأدنى اختلاف في اللفظ ورواية عبد الرحيم القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إذا كان الرجل تعرفه يأم الناس فقرء القران فلا تقرء عند قرائته وهذه الروايات هي التي استدل بها في الحدائق للقول بالحرمة كما هو مختاره لما فيها من النهي الذي هو حقيقة في التحريم وان من قرء خلف امام يأتم به بعث على غير الفطرة وقضية الجمع بينها تقييد اطلاق الخبرين الأخيرين الناهيين عن القراءة خلف الإمام مطلقا بغير ما إذا كانت الصلاة جهرية ولا يسمع قرائته لما في غير واحد من الاخبار من التصريح بخروج هذا الفرض عن مورد النهي والمراد بسماع قرائته ما يعم همهمته أيضا اي مجرد صوته من غير أن يميز بين كلماته كما يدل عليه رواية قتيبة المتقدمة ويشهد له أيضا ما عن الفقيه بأسناده عن عبيد بن زرارة عنه عليه السلام انه ان سمع همهمة فلا يقرء وموثقة سماعة قال سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فقال إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرء لنفسه ويرد على الاستدلال المزبور ان غاية ما يمكن ادعائه انما هو ظهور الروايات المزبورة في الحرمة فيرفع اليد عنه بالنسبة إلى الاخفاتية جمعا بينها وبين ما رواه الشيخ باسناده عن إبراهيم المرافقي وعمر بن الربيع البصري عن جعفر بن محمد انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إن كنت خلف امام تتولاه وترضى به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت قال الله تعالى وانصتوا لعلكم ترحمون وضعف سنده منجبر بالشهرة وغيرها من المؤيدات التي سنشير إليها وهذا مع كونه نصا في الجواز له نوع حكومة على الاخبار المزبورة وقضية الجمع بينها وبين العمومات الدالة بظاهرها على الحرمة اما تقييد تلك الأخبار بالجهرية التي يسمع فيها صوت الامام أو حمل العمومات على الكراهة بالقرائن الداخلية والخارجية التي سنشير إليها وخبر سليمان بن خالد أيقرء الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء فقال لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام فان ظهور كلمة لا ينبغي في الكراهة أقوى من ظهور تلك الأخبار في الحرمة وفي الحدائق بعد ان ذكر هذه الرواية قال قوله وهو لا يعلم أنه يقرء ليس المراد به الشك في قراءة الإمام وعدمها لان فيه طعن على الامام بالاخلال بالواجب فلا يجوز الاقتداء به حينئذ وانما المراد بهذا الكلام الكناية عن عدم سماع قرائته فكأنه قال وهو لا يسمع انه يقرء وكأنه ظن أنه انما يترك القراءة فيما إذا جهر الامام لوجوب الانصات واما مع الاخفات وعدم السماع يجوز القراءة انتهى ولا يخفى ما فيه من البعد وابعد منه حملها على خصوص الأخيرتين اللتين يكون الامام فيهما مخيرا بين القراءة والتسبيح إذ مع بعده في حد ذاته يتوجه عليه انه لا مقتضى لقصر مورد السؤال على خصوص الظهرين بعد مشاركة جميع الفرائض في الأخيرتين من حيث الاخفات الذي ينشأ منه الجهل بحال الامام انه يقرء أو لا يقرء فالأولى ابقاء السؤال على ظاهره وما قيل من أن فيه طعنا على الامام ففيه ان عدالة الامام مانعة عن الاخلال بالواجب عمدا والا فكثيرا ما يشتبه عليه عدد الركعات فيأتي في الأوليين بوظيفة الأخيرتين مع امكان ان يكون قوله وهو لا يعلم كناية عن لحوقه به في حال اشتبه عليه انه في الأوليين أو الأخيرتين فيكون المقصود بالسؤال معرفة حكم المأموم المسبق الذي لا يعلم أن الامام في اي ركعة حتى يعمل بوظيفته ولكن يتطرق على هذا التقدير الخدشة في دلالتها على المدعى بان كراهة القراءة عليه لدى الجهل بان الركعة التي أدركها مع الامام من الأوليين أو الأخيرتين لا تنافي حرمتها عليه لدى العلم بأنها من الأوليين كما لا تنافى وجوبها أو استحبابها لدى العلم بأنها من الأخيرتين بل ربما يؤكدها لامكان أن يكون منشأها أولوية رعاية الاحتياط في جانب الحرمة فليتأمل ويحتمل بعيدا ان يكون الضمير في قوله وهو لا يعلم راجعا إلى الامام فكأن السائل كان يعلم بأن المأموم وظيفته في الجهرية الانصات وانه ليس ينبغي له أن يسمع ما يقوله الامام فسئل عن أنه هل للمأموم في الاخفاتية التي ليس وظيفته الانصات ولا الامام يسمع قرائته ان يقرء فليتأمل وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام ايقرء بالحمد وهو اما يقتدى به قال إن قرأت فلا بأس وان سكت فلا بأس بناء على ما فهمه غير واحد من أن المراد بها الأوليين من الاخفاتية وفيه ان الظاهر أن المراد بها الأخيرتين كما أوضحناه في مبحث القراءة وسيأتي بعض الكلام فيه في حكم الأخيرتين ومما يؤيد الجواز أيضا ما عن السيد والحلي عند تعرضهما لبيان اختلاف الروايات في القراءة خلف الإمام من أنهما قالا وروى أنه بالخيار فيما خافت فيه الامام وقالا أيضا بأدنى اختلاف في اللفظ وروى أنه لا لا يقرء فيما جهر فيه الامام ويلزمه القراءة فيما خافت فيه هذا مع أنه ليس للأخبار الناهية ظهور يعتد به في الحرمة خصوصا بالنسبة إلى الاخفاتية لورود النهى فيها مورد توهم الوجوب ولذا لا يفهم منه الا إرادة ترك القراءة بعنوان المطلوبية أي بقصد جزئيتها للصلاة لا حرمتها من حيث هي والحاصل انه لا يستفاد من النهى المتعلق بما هو واجب لولا النهى أزيد من الرخصة في تركه لا لزومه فلا يستفاد من نهى المأموم عن القراءة خلف الإمام أزيد من سقوط التكليف بالقراءة عنه واما حرمتها عليه فلا بل هذا هو مقتضى تفريع النهى عن القراءة على قوله فان ذلك جعل إليه لان كون ذلك التكليف مصروفا إلى الامام لا يقتضى الا سقوطه عن المأموم لا حرمته عليه لكن لقائل ان يقول إن سقوط التكليف بالقراءة أي الرخصة في تركها كاف في اثبات مدعى الخصم وهو حرمة الاتيان بها بقصد الجزئية لأنها عبادة فجواز فعلها بهذا العنوان موقوف على الامر به والا فتشريع محرم والمفروض سقوط الامر الالزامي المتعلق بالقراءة عنه ولم يثبت امر اخر يقتضى جوازها فمقتضى الأصل عدم شرعيتها له ويمكن دفعه بأنه يستفاد من التلويحات الواقعة في الاخبار بان سقوطها عن المأموم لا لفقد المقتضى بل لاجتزائه بفعل الامام وايكال امره إليه وضمان الامام له بالقراءة فكان القراءة معتبرة في الصلاة مطلقا كما هو مقتضى عموم قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولكن المأموم يجتزى بقراءة الامام فمقتضى الأصل حينئذ كون ذلك رخصة له لا عزيمة كما يؤمى إلى ذلك قوله عليه السلام في خبر سليمان بن خالد المتقدم لا ينبغي له ان يقرء يكله إلى الامام فإنه مشعر بصحة صدوره منه ولكن لا يصلح له ان يباشره بنفسه ولا يكله إلى الامام فعدم الصلاحية الذي ينشأ منه الكراهة الشرعية
(٦٣٨)