والشافعي في القول الآخر والحجة معهم لأن ظاهر الامر الوجوب وقد اقترن به ما يدل على إرادة الايجاب به وهو قوله تعالى (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم) ونفي الحرج مشروطا بالأذى دليل على لزومه عند عدمه فأما إن كان بهم أذى من مطر أو مرض فلا يجب بغير خلاف بتصريح النص بنفي الحرج فيه (فصل) ويجوز أن يصلي صلاة الخوف على كل صفة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز وقال: ستة أوجه أو سبعة يروى فيها كلها جائز وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله تقول بالأحاديث كلها كل حديث في موضعه أو تختار واحدا منهما قال أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن. وأما حديث سهل فأنا اختاره. إذا تقرر هذا فنذكر الوجوه التي بلغنا ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها وقد ذكرنا منها وجهين أحدهما ما ذكره الخرقي وهو حديث سهل، والثاني حديث ابن عمر وهو الذي ذهب إليه أبو حنيفة والثالث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان وهو ما روى أبو عياش الزرقي قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر فقال المشركون لقد أصبنا غرة لو حملنا عليهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر، والعصر فلما حضرت العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صف، وصف خلف ذلك الصف صف آخر فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم فلما صلى بهؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعا فسلم عليهم. فصلاها بعسفان وصلاها يوم بنى سليم. رواه أبو داود، وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا المعني. أخرجه مسلم وروي عن حذيفة أنه أمر سعيد بن العاص بطبرستان حين سالهم أيكم شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فقال حذيفة: أنا وأمره بنحو هذه الصلاة قال وتأمر أصحابك ان هاجهم هيج فقد حل لهم القتال والكلام. رواه الأثرم باسناده، وإن حرس الصف الأول في الأولى والثاني في الثانية، أو لم يتقدم الثاني إلى مقام الأول، أو حرس بعض الصف وسجد الباقون جاز ذلك كله لأن المقصود يحصل، لكن الأولى فعل مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ومن شرط هذه الصلاة أن يكون العدو في جهة القبلة لأنه لا يمكن حراستهم في الصلاة إلا كذلك وأن يكونوا
(٢٦٨)