بحيث لا يخفى بعضهم على بعض ولا يخاف كمين لهم (فصل) الوجه الرابع أن يصلي بكل طائفة صلاة منفردة ويسلم بها كما روى أبو بكرة قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ولأصحابه ركعتان. أخرجه أبو داود والأثرم وهذه صفة حسنة قليلة الكافة لا يحتاج فيها إلى مفارقة الإمام، ولا إلى تعريف كيفية الصلاة وهذا مذهب الحسن وليس فيها أكثر من أن الإمام في الثانية متنفل يؤم مفترضين (فصل) الوجه الخامس أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين ولا يسلم، ثم تسلم الطائفة وتنصرف ولا تقضي شيئا وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بها ركعتين ويسلم بها ولا تقضي شيئا وهذا مثل الوجه الذي قبله إلا أنه لا يسلم في الركعتين الأوليين لما روى جابر قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع فذكر الحديث قال: فنودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال: وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتين ركعتين. متفق عليه، وتأول القاضي هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم كصلاة الحضر وأن كل طائفة قضت ركعتين وهذا ظاهر الفساد جدا لأنه يخالف صفة الرواية وقول احمد ويحمله على محمل فاسد، أما الرواية فإنه ذكر أنه صلى بكل طائفة ركعتين ولم يذكر قضاء، ثم قال في آخرها وللقوم ركعتين ركعتين. وأما قول احمد فإنه قال ستة أوجه أو سبعة يروى فيها كلها جائز، وعلى هذا التأويل لا تكون ستة ولا خمسة، ولأنه قال كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فهو جائز وهذا مخالف لهذا التأويل، وأما فساد المحمل فإن الخوف يقتضي تخفيف الصلاة وقصرها كما قال الله تعالى (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وعلى هذا التأويل يجعل مكان الركعتين أربعا ويتم الصلاة المقصورة، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم صلاة السفر فكيف يحمل هاهنا على أنه أتمها في موضع وجد فيه ما يقتضي التخفيف (فصل) الوجه السادس أن يصلي بكل طائفة ركعة ولا تقضي شيئا لما روى ابن عباس قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد صلاة الخوف والمشركون بينه وبين القبلة فصف صفا خلفه وصفا موازي العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، ورجع هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان وكانت لهم ركعة ركعة. رواه الأثرم وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم