الفضولي، بل دلالته عليه إنما هو بالاطلاق فنقيده بالأدلة الخاصة الدالة على صحة بيع الفضولي، وعمدتها صحيحة محمد بن قيس المتقدمة، وإذن فيختص النبوي بالقسم الأول فقط.
ولو تنزلنا عن ذلك أيضا وقلنا بكون النبوي نصا في فساد بيع الفضولي وقعت المعارضة بينه وبين ما دل على صحة بيع الفضولي، فيؤخذ بالثاني لكونه موافقا للكتاب، ومع عدم المرجح في البين فيتساقطان ويرجع إلى العمومات، وقد عرفت في أول المسألة أن بيع الفضولي مشمول لها، فيحكم بصحته من هذه الناحية.
وقد ظهر مما ذكرناه الجواب عن الاستدلال على بطلان بيع الفضولي بالروايات الدالة على المنع عن بيع ما لا يملك، بناء على قراءة يملك بصيغة الفاعل لا المفعول، فيراد من قوله (عليه السلام) في صحيحة الصفار المتقدمة قريبا: لا يجوز بيع ما ليس تملك (1)، عدم استناد البيع إلى العاقد غير المالك، وهذا لا ينافي استناده إلى المالك بالإجازة اللاحقة.
فلا وجه لما ذكره في الحدائق عند التعرض لصحيحة الصفار من: أن الأصحاب قد أفتوا في هذه المسألة التي هي مضمون هذه الرواية بلزوم البيع فيما يملك ووقوفه فيما لا يملك على الإجازة من المالك، بمعنى أنه صحيح لكونه فضوليا موقوفا في لزومه على إجازة المالك، والرواية كما تري تنادي بأنه لا يجوز الدال على التحريم، وليس ثمة مانع موجب للتحريم سوى عدم صلاحية المبيع للنقل بدون إذن مالكه (2).
إذ يمكن أن يراد من الجواز المنفي عدم النفوذ الوضعي كما فهمه الأصحاب، فإن إرادة النفوذ من الجواز شايع، وإذا احتمل هذا المعنى فلا يبقي في الصحيحة ظهور فيما ذكره صاحب الحدائق فضلا عن أن ينادي لفظ لا يجوز بأعلى صوته من المكان المرتفع بالتحريم التكليفي.