وقال شيخنا الأستاذ:
ثم لا يخفى أنه لو سلم دلالتها فلا يمكن تخصيصها بالأدلة الدالة على صحة الفضولي، لأن تعارضهما ليس بالعموم والخصوص المطلق، بتقريب أن مفاد الأدلة المانعة هو أن بيع مال الغير لا يجوز، سواء قصد لنفسه أم للمالك، وسواء أجاز أم لم يجز، ومفاد الأدلة المجوزة صحة البيع للمالك إذا أجاز لأنه لم يكن البيع لنفسه أو للمالك بلا أجازه محلا لتوهم الصحة حتى يرد المنع بنحو العموم، بل التعارض بينهما بالتبائن فإنه لو سلم اطلاق هذه الروايات وشمولها لما إذا قصد الفضولي البيع للمالك أو لنفسه مع المنع وعدمه، فلا اشكال في شمول الروايات الدالة على الصحة لجميع الأقسام (1).
ولكن يتوجه عليه أن تخصيص الأدلة المجوزة بصورة كون البيع لمالك مع لحوق الإجازة، إن التخصيص لأجل ما ذكر إنما يصح فيما إذا لم يتعارف في الخارج بين الانسان مال غيره عن نفسه، مع أنه كان متعارفا في زمان الجاهلية بل في جميع الأزمنة، وقد جرت عليه سيرة الجهال والفساق وغير المبالين في أمر الدين، حيث إنهم يرون الأسباب غير المشروعة مملكة، كالغرر والقمار والغصب والسرقة والخيانة وأشباهها، بل ربما يستملكون أموال الناس بلا مملك شرعي ولا عرفي، ويعاملون معها معاملة أموالهم.
وقد يقال: إن النسبة بين ما دل على صحة بيع الفضولي وبين ما دل على فساده هي العموم من وجه - كما في حاشية المحقق الإيرواني - وإليك نصه: إن المنفي في هذه الأخبار لو كان هو البيع لنفسه كانت هذه