وسيلة إلى تحقق عنوان المعاملة بل إنما أتى به بداع آخر، وعليه فقصد المكره للمعنى كالقصد الساذج الخالي عن الانشاء، كما أن انشاءه كالانشاء الساذج الخالي عن القصد، وإذا لم يتحقق هنا عنوان المعاملة لم يترتب عليه أثر شرعي (1).
ولكن يتوجه عليه ما عرفته مرارا، من أن عنوان أي عقد أو ايقاع إنما يتحقق بالاعتبار النفساني وابرازه بمبرز خارجي من اللفظ وغيره، ولا ريب في أن هذا المعنى متحقق في عقد المكره، غاية الأمر أنه فاقد لطيب النفس إلا أنه غير دخيل في عنوان العقد وإنما هو دخيل في صحته.
ويضاف إلى ذلك أنه لو لم يكن انشاء المكره مربوطا بالقصد وكان كل منهما غريبا عن الآخر، كما يرومه المستدل، كان عقد المكره فاسدا من ناحية انتفاء موضوع العقد لا من ناحية الكره، وقد عرفت آنفا أن محل بحثنا إنما هو فيما يكون العقد واجدا لسائر ما يعتبر فيه غير طيب النفس والرضاء.
بحث في حقيقة الاكراه 1 - هل يعتبر في الاكراه وجود حامل على المكره عليه؟
قوله (رحمه الله): إن حقيقة الاكراه لغة وعرفا حمل الغير على ما يكرهه.
أقول: هل يعتبر في مفهوم الاكراه وجود شخص حامل على الفعل المكره عليه بحيث لولاه لما كان هنا اكراه كما هو الظاهر من المصنف، أم لا يعتبر ذلك في مفهومه بل يكفي فيه مجرد الاعتقاد بوجود المكره - بالكسر - وإن كان الاعتقاد المزبور مخالفا للواقع.