هل يفرق بين كون العبد وكيلا عن غيره في أمر وبين توكيله غيره في ذلك وقد ظهر لك مما ذكرناه أيضا أنه لا بد من أن يفرق بين كون العبد وكيلا عن غيره في انشاء عقد أو ايقاع وبين توكيله غيره في ذلك:
أما الأول، فيجوز له ذلك، لأنه لا يعد تصرفا فيما يرجع إلى نفسه لكي يحكم بفساده بدون إذن مولاه، بداهة أن كون العبد مملوكا لمولاه لا يلازم سقوط ألفاظه وعباراته والعقد أو الايقاع بما أنه للغير فلا مانع من الحكم بصحته.
أما الثاني، فلا يجوز له ذلك، إذ ليس للعبد أن يستقل في التصرف فيما يرجع إلى نفسه أو أمواله بدون إذن سيده، فإذا لم يجز له ذلك لم يجز له توكيل غيره فيه، هذا ما يرجع إلى الآية المباركة.
أما رواية زرارة، فإنها ظاهرة أيضا في عدم نفوذ تصرفات العبد فيما يرجع إلى نفسه فلا اشعار فيها بكون مطلق تصرفاته متوقفا على إذن سيده، والقرينة على هذه الدعوى من نفس الرواية هي قوله (عليه السلام):
المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا بإذن سيده، قلت: فإن كان السيد زوجه بيد من الطلاق؟ قال (عليه السلام): بيد سيده.
ثم إنا إذا قلنا بعدم نفوذ تصرف العبد فيما يرجع إلى غير المولى أيضا إلا بإذنه، فلو تصرف العبد بدون إذن سابق ولكن لحقته الإجازة من المولى فهل يحكم بصحته، فيه خلاف بين الأعلام، قد احتمل المصنف أولا عدم نفوذه، وحاصل كلامه:
إن الإجازة إنما تتعلق بمضمون العقد أعني به انتقال المال بعوض، ولا ريب في أن هذا المعنى فيما نحن فيه ليس منوطا برضاء المولى، إذ المفروض أنه أجنبي عن العوضين بل حق المولى من جهة كون انشاء هذا