موضوعها البلوغ، فهي ترتفع عن الصبيان لعدم موضوعه، وإن أخذ في موضوعها الصباء فهي غير قابلة للارتفاع عن الصبيان، لأن المصلحة الملزمة قد اقتضت ثبوتها في حقهم بعنوان الصبوة فلا يعقل ارتفاعها عنهم بحديث الرفع، ولعل تلك المصلحة ارتداعهم عن ركوب القبائح وتجنبهم عن ارتكاب المنكرات.
وحينئذ فيخت حديث الرفع بما إذا كان التعزير أو غيره من الأحكام الإلزامية ثابتا للطبيعي الجامع بين البالغ والصبي فهي ترتفع عن الصبي.
ما هو حكم فعل الصبي المعتبر فيه قصد الفاعل؟
قوله (رحمه الله): عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي.
أقول: ملخص كلامه أن المتحصل من الأدلة المتقدمة من الاجماع وغيره هو عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي من الأفعال التي يعتبر فيها قصد الفاعل إلى مقتضاها، كانشاء العقود والايقاعات أصالة ووكالة، والتصدي للقبض والاقباض، وكذلك كل ما يلتزم به من قبل نفسه من ضمان أو اقرار أو نذر أو ايجار أو غير ذلك، ثم ساق عبارة العلامة في التذكرة تأييدا لمرامه.
ولكن يرد عليه ما ذكرناه قريبا، من أنه لا دليل لنا على سقوط فعل الصبي وقوله عن الاعتبار، بل الدليل إنما دل على عدم جواز استقلاله في التصرف في أمواله، وعليه فأي فعل من أفعاله لا يعد في العرف تصرفا في أمواله استقلالا لا مانع عن جوازه، فيحكم بصحة تحجيره وحيازته والتقاطه وصيده واحيائه الموات وما شاكل ذلك.
وقد يتوهم أن الأمور المذكورة غير جائزة لأن عمد الصبي خطأ، ولكنه توهم فاسد لما ذكرناه من عدم دلالة الحديث على إلغاء قصد