قيل: قد تعارف بين الناس اعطاء الدراهم للخباز أو للبزاز، والأمر باعطاء مقابلها من الخبز والثوب للفقير، ولا شبهة في كون ذلك بيعا بالحمل الشائع، مع أن المثمن لم يدخل في ملك من خرج الثمن عن ملكه.
والجواب عنه: أن المثمن في أشباه ما ذكر قد دخل في ملك من خرج الثمن عن ملكه، نهاية الأمر أن المشتري قد وكل البائع في اعطاء المبيع لشخص آخر، وإن أبيت عن هذا التوجيه فإنا لا نبالي في المنع عن صدق مفهوم البيع على ذلك، وحمله على الصلح أو على الهبة المعوضة.
مفهوم المفاعلة وعدم صدقه على البيع ما هو مفهوم المفاعلة، وهل يصدق ذلك على البيع الذي هو تبديل شئ بشئ؟
الظاهر أن وزن: فاعل للدلالة على المشاركة في الغالب، والمشاركة هي أن يفعل الواحد بالآخر ما يفعله الآخر به حتى يكون كل منهما فاعلا ومفعولا، نحو ضارب زيد عمروا.
وعليه فذكر المبادلة في تعريف البيع يقتضي أن يكون البيع عبارة عن مجموع فعل البائع والمشتري، ولكن هذا واضح البطلان، ضرورة أن البيع ليس إلا عبارة عن فعل البائع فقط، وهو تبديل ماله بمال صاحبه، ومن البديهي أن هذا المعنى غريب عن معنى المفاعلة، ولا صلة بينهما بوجه، بل لو فرضنا صدق مفهوم البيع على كل من فعل البائع والمشتري لكان الصادر من كل منهما بيعا بنفسه.
وإذن فلا وجه لذكر كلمة المبادلة في تعريف البيع، كما صنعه صاحب المصباح وتلقاه جماعة بالقبول، بل لا بد من تبديل لفظ المبادلة في تعريف البيع بكلمة التبديل، فإن التبديل هو الذي يتحقق بفعل البائع.