القاعدة الثالثة أنه إذا قيل بأن المعاطاة المقصود بها الملك تفيد الإباحة، لزمت منه مخالفة القواعد المتسالم عليها في موارد شتى، منها:
ألف - تعلق الخمس بما في يد أحد المتعاطيين مع أنه ليس بمالك له.
وتوضيح ذلك أنه إذا أعطى أحد المتعاطيين دينارا لصاحبه وأخذ منه متاعا يساوي أحد عشر دينارا، فإنه قد ربح في هذه المعاملة المعاطاتية عشرة دنانير، وإذا بقي هذا الربح إلى أن مضي عليه حول كامل، ولم يحصل مملك في البين، كتصرف المشتري في المتاع أو تصرف البائع في الثمن أو تلف أحد العوضين، ثبت فيه الخمس، وعليه فيلزم تعلق الخمس بغير الاملاك، وهو فقه جديد.
وقد يتوهم أن غرض بعض الأساطين من ذلك هو استبعاد تعلق الخمس بالأرباح والمنافع الحاصلة من الاتجار بالمأخوذ بالمعاطاة، ولكنه توهم فاسد، فإنه مخالف لصراحة كلامه، بديهة أنه (رحمه الله) قد فرض مورد الاستبعاد فيما إذا كان العوضان باقيين مع عدم تحقق التصرف من أحد المتعاطيين، ومن البين الذي لا ريب فيه أن حصول الربح بالتجارة لا يخلو عن أحد أمرين على سبيل مانعة الخلو، وهما التصرف وتلف العين ولو حكما.
وحينئذ فلا يتوجه على بعض الأساطين ما ذكره شيخنا المحقق، وإليك نصه: أما خمس ربح التجارة بالمأخوذ بالمعاطاة، فلا محالة يكون حصول الربح مسبوقا بالتكسب والتصرف في المال، فيكون مملكا له