وهذا نظير أن يوجه البايع خطابه إلى غير المشتري اشتباها ويقول:
بعتك هذا المتاع، ويقول المشتري: قبلت هكذا، فإنه لا شبهة في صحة البيع حينئذ، ضرورة أن اقتران الايجاب بكاف الخطاب إنما هو من ناحية الخطأ في التطبيق فلا يضر بصحة البيع.
ومن الموضحات لما ذكرناه هو أنه إذا أعطى أحد دينارا لشخص ووكله في شراء متاع واشتبه الوكيل فقصد الاشتراء لنفسه ثم التفت بذلك فإنه لا شبهة في كون البيع للموكل.
وأوضح من ذلك أنه لو ابتاع زيد متاعا من عمرو لموكله فتخيل عمرو أنه اشتراه لنفسه فوجه الانشاء إليه وقال: بعتك هذا المتاع، وقبله زيد ثم انكشف أنه قد اشتراه لموكله، فإن ما قصده البايع من كون الاشتراء لعمرو لا يضر بحقيقة البيع.
وعلى الجملة أن المقصود للبايع في مرحلة الانشاء أمران: أحدهما حقيقة البيع المبرزة بمبرز خارجي، وثانيهما إضافته إلى نفسه، وهذه الإضافة إن طابقت الواقع فهو وإلا كانت لاغية.
جريان البحث من ناحية المشتري ثم لا يخفى عليك أن ما ذكرناه جار في ناحية المشتري أيضا حذو النعل بالنعل، فإنه إذا قبل الايجاب وأضافه إلى نفسه فقال مثلا قبلت، فإن كان هذه الإضافة مطابقة للواقع فهو وإلا كانت فاسدة، ولكن فسادها لا يضر بصحة البيع بل يقع الشراء لمالك الثمن، وقد حكم المصنف بصحة الشراء حينئذ بوجه آخر، وهذه عبارته:
إن نسبة الملك إلى الفضولي العاقد لنفسه في قوله: تملكت منك، أو قول غيره له: ملكتك، ليس من حيث هو بل من حيث جعل نفسه مالكا