وعلى هذا الضوء فإذا فقد شرط من شرائط عقد المسابقة وصار فاسدا كان ذلك مصداقا للقمار المحرم، فيكون أكل المال به أكلا له بالباطل، إذ المفروض أنه لم يتحقق - في مورد المسابقة الفاسدة - ما يوجب الضمان، ضرورة أنه لم يوجد فيها إلا سبق السابق.
ومن البديهي أن هذا السبق ليس بأمر المسبوق، ولا أن نفع هذا العمل قد وصل إليه، ولا أنه أتلف شيئا من أموال السابق، وإذن فكيف يحكم - هنا - بالضمان.
وبتعبير آخر أن حرمة القمار من ضروريات الدين الاسلامي، وقد خرجت منها المسابقة الصحيحة فقط لمصالح خاصة، أما غيرها فهو باق على حرمته.
لا فرق في الضمان بين علم الدافع وجهله قوله (رحمه الله): ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من الضمان في الفاسد بين جهل الدافع بالفساد وبين علمه مع جهل القابض.
أقول: الوجه في ذلك هو ما ذكرناه آنفا من قيام الدليل على الضمان على وجه الاطلاق، وهو السيرة العقلائية القائمة على ضمان اليد مع الاقدام.
وقد يتوهم عدم الضمان مع علم الدافع بالفساد، ضرورة أن المالك مع علمه بالفساد قد سلط القابض على ماله، وعليه فيصبح المال أمانة مالكية عند القابض، وحينئذ فإذا تلف عنده لم يحكم بضمانه للروايات الدالة على عدم ضمان الأمين مع عدم التفريط (1).