ج - حكم حق الاختصاص بعد أداء البدل الناحية الثالثة: أنك قد عرفت قريبا ثبوت حق الاختصاص في العين التي سقطت عن المالية وخرجت عن الملكية، ولا ريب في أن هذا الحق للمالك قبل أن يأخذ البدل من الغاصب، وإنما البحث في أن الحق المزبور هل ينتقل إلى الغاصب بعد أداء البدل أم يبقي للمالك فقط؟
ظاهر المصنف هو الثاني، وأيد رأيه هذا بأنه لو صار الخل المغصوب خمرا ثم انقلبت الخمر خلا لوجب رده إلى مالكه بلا خلاف في ذلك، ووجه التأييد أن لزوم رد الخل المزبور إلى مالكه ليس إلا من جهة بقاء حقه فيه الذي يسمى بحق الاختصاص.
وقد أجاب شيخنا المحقق (1) عن هذا التأييد بأن وجوب رد الخل إلى مالكه لا يكشف عن بقاء حق الأولوية فيه، بل ليس هذا إلا من قبيل عود الملك إلى مالكه فيكون من باب رد الملك لا من باب رد ما يكون المالك أولى به.
والسر في ذلك أن الملكية يتسبب من الأسباب العديدة، كالإرث والبيع والهبة والصلح والحيازة، ومن المعلوم أن هذه الأسباب إذا اقترنت بمانع سقطت عن التأثير وإذا ارتفع ذلك المانع أثرت أثرها.
وعليه فما يقتضي حدوث الملكية في المثال المزبور من العقد وغيره باق على حاله، ولكنه سقط عن التأثير بقاء لاقترانه بالمانع، وهو انقلاب الخل خمرا، فإذا زال المانع أثر المقتضي أثره من دون أن يثبت هنا حق الأولوية عند سقوط المقتضي عن التأثير - انتهى ملخص كلامه.