باختيار الفرد الفاسد أيضا، وعليه فاختيار الفرد الصحيح إنما نشأ من الرضاء وطيب النفس فيحكم بصحته.
وقد اتضح لك مما ذكرناه أنه لو أكره شخص على ايجاد أحد الأمرين:
إما بيع شئ من أمواله أو أداء مال مستحق عليه، فاختاره المكره - بالفتح - البيع لما حكم ببطلانه، وكذا لو أكره الراهن - عند حلول أجل الدين - على بيع العين المرهونة أو بيع غيرها مما لا يستحقه المرتهن واختار الراهن الثاني لحكم بصحته.
ومن هنا علم أنه لو أكره أحد إما على بيع داره أو على بيع دار صاحبه فضولا فباع دار نفسه فإنه لا يحكم بفساده، إذ لا محذور عليه هنا في انشاء البيع الفضولي، لأن هذا لا يعد تصرفا في مال غيره لكي يكون من قبيل الاكراه على أحد الأمرين الذين يكون أحدهما مباحا والآخر محرما، بل هو بمنزلة الاكراه إما على بيع الدار أو على شرب الماء، فإذا اختار بيع الدار وترك شرب الماء حكم بصحته لأنه لم يصدر إلا من الرضاء وطيب النفس لا من الجبر والاكراه.
4 - إذا كان الاكراه على أحد الأمرين مع كون واحد منهما معاملة والآخر حراما أو ترك واجب وإذا أكره على أحد الأمرين مع كون واحد منهما معاملة كبيع الدار والآخر حراما كشرب الخمر أو ترك واجب كالصلاة ونحوها، فالكلام فيه يقع في جهتين: الأولى في الحكم التكليفي، والثانية في الحكم الوضعي:
أما الجهة الأولى، فلا شبهة في حرمة الاقدام على الحرام وترك المعاملة، بداهة أن البيع بنفسه أمر مباح كسائر المباحات الشرعية.