ومن هنا لا ينقضي العجب من المحقق التستري حيث قال بعد كلامه المتقدم: وهذا القول لا يخلو عن قوة إلا أن الأصحاب تركوا العمل بالخبر، وأما السيرة والضرورة فالتمسك بها في مقابل اطلاق الآية والرواية وفتوى الإمامية وغيرهم خروج عن جادة الصواب وعدول عن طريق الاحتياط (1).
والحاصل أنه إن كان المراد من السيرة هو السيرة العقلائية، فهي مردوعة بالروايات الدالة على عدم نفوذ أمر الصبي، وقد تقدمت هذه الروايات سابقا، وإن كان المراد بها هو السيرة الشرعية فهي قائمة على كون الصبي آلة لا على صحة معاملاته الصادرة منه استقلالا ولا أقل من الشك في ذلك، وإذن فلا وجه لنا للحكم بصحة معاملات الصبي ولو في الأمور المحقرة.
الاستدلال به بالرواية النبوي وربما يستدل على نفوذ معاملات الصبي مطلقا أو في المحقرات برواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن كسب الإماء، فإنها إن لم تجد زنت، إلا أمة قد عرفت بصنعة يد، ونهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده، فإنه إن لم يجد سرق (2).
ووجه الاستدلال بها على المقصود هو أن المراد من النهي في الرواية هو النهي التنزيهي فيدل على نفوذ معاملات الصبي، لا على فسادها، والشاهد على ذلك أنه لو كانت معاملات الصبي فاسدة لما حصل النقل والانتقال بينه وبين غيره، وكان التصرف فيما بيده تصرفا في مال غيره بدون إذنه.