نعم يحسن بنا البحث عن ذلك تبعا للمصنف، وقد أسس هو (رحمه الله) أصلا أمام البحث عن ملزمات المعاطاة، وحاصله أنه بناء على إفادة المعاطاة الملك فالأصل فيها اللزوم، لما أسلفناه من الوجوه الثمانية الدالة على لزوم جميع العقود التي منها المعاطاة.
تأسيس الأصل في المعاطاة من حيث اللزوم والجواز وعلى هذا فالأصل في المعاطاة هو اللزوم، أما بناء على القول بالإباحة فمقتضى الأصل فيها هو عدم اللزوم لأنه يجوز للمبيح أن يرجع عن إباحته، لأن الناس مسلطون عن أموالهم.
وقد يتوهم أن الإباحة الثابتة قبل رجوع المبيح عن إباحته ثابتة بعد رجوعه أيضا، إذ الأصل بقاؤها على حالها، ولكن هذا التوهم فاسد فإن دليل السلطنة حاكم على الأصل المذكور، ويضاف إلى ذلك أن الاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية.
ثم إنك قد عرفت - في البحث عن لزوم المعاطاة - أن ما نظمه المصنف من الوجوه الثمانية التي استدل بها على لزوم المعاطاة لا يتم إلا بعضه، وقد تقدم أيضا في الأمر السابق وغيره أن دعوى الاجماع على عدم لزوم المعاطاة - لكي يكون ذلك تخصيصا للأدلة الدالة على لزوم المعاملات - دعوى جزافية، لعدم العلم بوجود الاجماع التعبدي على ذلك، وعلى هذا فلا وجه للبحث عن ملزمات المعاطاة لأنها لازمة من أصلها، نعم بناء على ثبوت الاجماع على جوازها - كما هو مبنى المصنف - فلا بد من التكلم في ملزماتها.
ولا يخفى عليك أن الاجماع على جواز المعاطاة - على تقدير تماميته - ليس مفاده هو الجواز في زمان دون زمان، حتى يقال: إنه بعد ثبوت الجواز من أول الأمر لا معنى للرجوع إلى العمومات وإنما المرجع