بحث استطرادي في لحوق الرضاء بالبيع الاكراهي قوله (رحمه الله): ثم إنهم صرحوا بجواز لحوق الرضاء لبيع المكره.
أقول: حاصل كلامه أن ما ذكرناه من اعتبار أن يكون كل من المتعاقدين واجدا للشرائط عند تحقق الانشاء من الآخر يقتضي بطلان عقد المكره، سواء ألحق به الرضاء من المكره - بالفتح - أم لا ولكن التزم الأصحاب بصحة ذلك مع لحوق الرضاء به، ولعل هذا من جهة الاجماع القائم على خلاف الأصل والقاعدة.
ويتوجه عليه: أن بيع المكره المتعقب بالرضاء - وإن خرج من للقاعدة المزبورة، إلا أن خروجه عنها ليس من جهة الاجماع، بديهة أن الاجماع لا يصحح صدق عنوان العقد على ما ليس بعقد عرفا، وإنما الوجه في صحة بيع المكره - مع لحوق الرضاء به - هو أن الاختيار له معنيان:
1 - أن يستند الفعل الصادر من الفاعل إلى إرادته، ويقابله صدور الفعل منه بلا اختيار وشعور كحركة المرتعش.
2 - أن يراد من الاختيار تسلط الفاعل على فعله، ويقابله كونه مجبورا في فعله ومكرها عليه من ناحية شخص آخر.
أما الاختيار بالمعنى الأول، فلا شبهة في اعتباره في العقود، لأنا ذكرنا مرارا أن حقيقتها - بل حقيقة جميع الأمور الانشائية - متقومة بالاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي، ومن الواضح جدا أنه إذا انتفى القصد والالتفات من المتعاقدين انتفى منهما الاعتبار النفساني.
وإذن فيكون اللفظ الصادر منهما لفظا ساذجا وغير مظهر للاعتبار النفساني، ومن البين الذي لا ريب فيه أن اللفظ الساذج بعيد عن مفهوم العقد.