نعم يشترط رضا المشتري بفعل البائع وتحقق عنوان التبديل، ولكنه أجنبي عن قيامه بالمشتري كقيامه بالبائع، وهذا بخلاف مفهوم المبادلة فإنه معنى قائم بشخصين، كما هو الشأن في باب المفاعلة، على ما عرفته في طليعة البحث.
رأي بعض مشايخنا المحققين في معنى المفاعلة والجواب عنه قد سلك بعض مشايخنا المحققين مسلكا آخر في معنى المفاعلة (1)، وحاصله أنه قد اشتهر بين الأدباء وغيرهم أن الفارق بين الهيئات المجردة وبين هيئة المفاعلة إنما هو تقوم المعنى في باب المفاعلة بطرفين، إلا أن المستوضح من الكتاب الكريم ومن الاستعمالات الصحيحة خلاف ذلك، كقوله تعالى: يخادعون الله والذين آمنوا (2)، فإن الغرض من الآية الشريفة تصدى المنافقين لخديعة الله وخديعة المؤمنين فقط، وغير ذلك من الآيات الكثيرة الظاهرة في خلاف ما اشتهر بين الناس من معنى المفاعلة (3).
ويقال في الاستعمالات العرفية الصحيحة: عاجله بالعقوبة، وخالع المرأة، وبارزه بالحرب، وساعده التوفيق، وواراه في الأرض وغير ذلك، فإن جميع ذلك بين ما لا تصح نسبة المادة فيه إلى الاثنين، وبين ما لم يقصد فيه ذلك وإن صحت النسبة المزبورة، وعليه فلا بد من بيان الفارق بين هيئة الفعل المجرد وبين هيئة المفاعلة.