المتقدمة على ذلك فلا مناص عن الاعتبار بقيمة مكان المخالفة أيضا، لأن الإمام (عليه السلام) مع كونه في مقام البيان لم يفكك بينهما، على أن التفكيك بينهما خلاف المرتكز العرفي.
ويدل على ما ذكرناه قوله (عليه السلام) في نفس الصحيحة: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكري كذا وكذا فيلزمك، فإن الظاهر من هذه الجملة المباركة هو اختيار الشهود من أهل الكوفة التي هي مكان المخالفة، ضرورة أن الاتيان بالشهود من أهل بغداد، التي كانت نهاية لسير أبي ولاد، بعيد جدا.
ومن الواضح أنه إذا كان الشهود من أهل الكوفة لم يشهدوا إلا على ما هو قيمة البغل في الكوفة لا على قيمته في مكان آخر، لأن شهادتهم على الثاني تحتاج إلى عناية زائدة وهي غير مذكورة في الصحيحة.
ارتفاع القيمة بسبب الزيادة العينية قوله (رحمه الله): ثم إن جميع ما ذكرنا من الخلاف إنما هو في ارتفاع القيمة السوقية الناشئة من تفاوت رغبة الناس.
أقول: الزيادات الحاصلة في العين تارة تكون منفصلة وأخرى تكون متصلة، أما الأولى فحكمها حكم نفس العين، وعليه فإن كانت باقية فوجب ردها على مالكها، وإن كانت تالفة فوجب رد بدلها عليه من المثل أو القيمة، أما الثانية فلا شبهة في كونها مضمونة على الضامن أيضا، سواء أكانت هذه الزيادات من قبيل الكيف كوصف الكتابة والنجارة والبناية وأمثالها، أم كانت من قبيل الكم كالسمن ونحوه، أم كانت من قبيل وصف الصحة.
وبتعبير آخر كما أن العين مضمونة على الغاصب كذلك أوصافها