لا شبهة في أن العين إذا تلفت انتقل الضمان إلى بدلها من المثل أو القيمة، كما لا شبهة في أن بقاء الضامن مشغول الذمة ضرر عليه، وإذن فيجوز له اجبار المالك على قبول حقه.
ولكن شيئا من ذلك لا يجري فيما نحن فيه، لأنا لو سلمنا تمامية الأدلة المتقدمة الدالة على ثبوت بدل الحيلولة، إلا أنه لا دلالة فيها على جواز اجبار الضامن المالك على قبول البدل، وليس هنا دليل آخر يدل على ذلك غير تلك الأدلة، وعليه فيتخير المالك بين قبول البدل وبين الصبر إلى زمان زوال العذر، بل هذا المعنى هو الذي تقتضيه قاعدة السلطنة، ضرورة أن المالك يستحق على الضامن العين بنفسها، ومن الظاهر أن اجبار الضامن إياه على قبول بدلها خلاف سلطنته.
وهذا هو الذي أراده المصنف من تمسكه بقاعدة السلطنة في المقام، وليس مراده من التمسك بها هو سلطنة المالك على امتناع قبول البدل مع كونه ملكا له لكي يتوجه عليه أنه ليس للمالك الامتناع من قبول ماله بدليل السلطنة، وهذا ظاهر لا خفاء فيه.
قوله (رحمه الله): وكما أن تعذر رد العين في حكم التلف وكذا خروجه عن التقويم.
أقول: قد تقدم حكم الخروج عن التقويم في الأبحاث السابقة (1)، وقلنا إن المدار في ذلك على انتهاء أمد المالية غاية الأمر أنه يحكم في القيميات بضمان قيمة يوم الغصب لصحيحة أبي ولاد المتقدمة.
5 - هل يصير البدل المبذول ملكا لمالك العين؟
ما هو حكم البدل المبذول، فهل يكون ذلك ملكا لمالك العين أم لا؟
ذكر المصنف أن المال المبذول يملكه المالك بلا خلاف، كما في