ومن هنا اتضح لك الفارق بين الاكراه على بيع الدار وبين الاكراه على تطليق إحدى الزوجتين أو عتاق أحد العبدين، بديهة أن الأول بنفسه مورد للاكراه دون الثاني، فإن مورد الاكراه فيه هو الجامع، وأما كل من الخصوصيتين فهو غير واقع تحت الاكراه.
وقد ظهر لك مما بيناه فساد ما ذكره المحقق الإيرواني (1)، من أن الأشخاص تعد مكرها عليها بالاكراه على القدر المشترك.
2 - إذا كان الاكراه بالقدر المشترك بين الفعلين وإذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أنه إذا تعلق الاكراه بالقدر المشترك بين الفعلين، فإما أن يكون كلاهما من المحرمات التكليفية أو يكون كلاهما عقدا، أو يكون أحدهما عقدا والآخر محرما، أو يكون أحدهما عقدا والآخر مباحا، أو يكون أحدهما محرما والآخر مباحا، فإن كان كلا الأمرين حراما تكليفيا وكانا متساويين في ملاك التحريم ولم يكن أحدهما أشد مبغوضية من الآخر في نظر الشارع كان المكره - بالفتح - مخيرا في اختيار أي منهما، ضرورة أن نسبة المكره عليه - وهو الجامع - إلي كل منهما على حد سواء، وإن اختلفت الأفراد ولم تكن متساوية الاقدام في ملاك التحريم فإنه وقتئذ لا بد وأن يختار ما كان أقل مبغوضية.
ومثال ذلك ما إذا أكره شخص على شرب أحد الإنائين وكان أحدهما نجسا والآخر نجسا ومغصوبا معا، فإن الاكراه هنا إنما يتعلق بشرب النجس فلا يجوز للمكره - بالفتح - أن يشرب ما هو مغصوب ونجس، وهكذا لو أكره شخص على شرب أحد المايعين وكان أحدهما خمرا