مصباح الفقاهة - السيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ١٠٤
النزاع عندهم ما يقصد منه التمليك، وذلك لأن كلماتهم عاصية عن الحمل على الإباحة الخالصة، ويتضح ذلك جليا لمن تأمل في كلماتهم.
وكذلك لا نعرف وجها معقولا للالتزام بحصول الملكية من التعاطي - لازمة كانت أم جائزة - مع قصد المتعاطيين الإباحة المصطلحة، بل لا يصدر ذلك من أصاغر الطلبة فضلا عن الفقهاء العظام.
وأيضا لا وجه لما ارتكبه المحقق الثاني من حمل كلمات القائلين بالإباحة على الملك المتزلزل (1).
بيان الأقوال حول المعاطاة قوله (رحمه الله): فالأقوال في المعاطاة على ما يساعده ظواهر كلماتهم ستة.
أقول: الظاهر أن الأقوال حول المعاطاة سبعة:
1 - اللزوم على وجه الاطلاق، سواء أكان الدال على التراضي لفظا أم كان غيره.
وقد نسبه غير واحد من أصحابنا إلى المفيد (2) وإلى بعض العامة (3).

١ - جامع المقاصد ٤: ٥٨.
٢ - لكن العبارة المنقولة عنه غير ظاهرة في ذلك، قال في محكي المقنعة: والبيع ينعقد على تراض بين الاثنين فيما يملكان التبائع له، إذا عرفاه جميعا وتراضيا بالبيع وتقابضا وافترقا بالأبدان.
لأن مراده من هذه العبارة بيان الشرائط لصحة البيع ولزومه، وأما عدم تعرضه لاعتبار الصيغة في البيع فلا يدل على عدم اعتبارها فيه، إذ من المحتمل القريب أن يكون ذلك من جهة أن اعتبارها في لزوم البيع من المسلمات، وقد حكي عنه في نكاح المقنعة أنه لم يتعرض لاعتبار الصيغة في النكاح والطلاق مع أن اعتبارها فيهما من البديهيات.
وعن العلامة في المختلف (٥: ٥١) أن للمفيد قولا يوهم الجواز، ثم ساق العبارة المتقدمة، و عن كشف الرموز في باب الفضولي (١: ٤٤٥) نسبة اعتبار اللفظ المخصوص في البيع إلى المفيد و الطوسي.
وعلى هذا فلا يسوغ لنا أن ننسب الرأي المذكور إلى المفيد (رحمه الله)، كما أنه لم ينسب إلى غيره من قدماء الإمامية، وإذن فلا نعرف وجها صحيحا لقول المصنف إنه: يكفي في وجود القائل به قول العلامة في التذكرة (١: ٤٦٢): الأشهر عندنا أنه لا بد من الصيغة، ولعل غرض العلامة من التعبير بالأشهر الإشارة إلى ما نسب إلى المفيد، وقد عرفت فساد النسبة، والله العالم.
نقله عنه المحقق الثاني في حاشية الإرشاد (مخطوط): ٢١٦، وفي جامع المقاصد ٤: ٥٨، ونحوه في مجمع الفائدة ٨: ١٤٢، الجواهر ٢٢: ٢١٠.
٣ - في شرح فتح القدير ج ٥: أن البيع ينعقد بالتعاطي، وفي الفقه على المذاهب الأربعة ج ٢: الصيغة في البيع أمران: القول وما يقوم مقامه، والمعاطاة، وعن الشافعية أن البيع لا ينعقد إلا بالصيغة الكلامية لا بالمعاطاة، ونسب الخلاف في ذلك إلى الحنفية.
حكاه صاحب الجواهر في الجواهر ٢٢: ٢١٠ عن أحمد ومالك، أنظر المغني لابن قدامة ٣: ٥٦١، والمجموع ٩: ١٩١.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست