وإذن فلا بد للمصنف أن يعلل لزوم المعاطاة مع تلف العينين بأن المأخوذ بالمعاطاة إنما تلف من ملك المالك الثاني، فلا يجوز للمالك الأول أن يرجع إليه، إذ المتيقن من جواز الرجوع إنما هو صورة الفسخ بتراد العينين وهو غير ممكن مع تلفهما.
تلف أحد العوضين قوله (رحمه الله): ومنه يعلم حكم ما لو تلف إحدى العينين أو بعضها على القول بالملك.
أقول: حاصل كلامه أنه لا شبهة في لزوم العقد مع تلف إحدى العينين على القول بالملك، لأن جواز المعاطاة إنما يبقي مع امكان تراد العينين، والمفروض أن إحداهما قد تلفت وإذن فتصير المعاطاة لازمة.
أما على القول بالإباحة فربما يتوهم (1) أن الأصل هنا عدم اللزوم، لأن الأصل أن سلطنة مالك العين الموجودة باقية على حالها، ولكن هذا التوهم فاسد إذ الأصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمة المالك المزبور عن مثل العين التي تلفت عنده وعن قيمته.
وعليه فهذه المعارضة معارضة بالعرض لا معارضة بالذات، ودعوى ثبوت الضمان هنا لقاعدة الضمان باليد دعوى جزافية، ضرورة أن اليد هنا ليست بيد ضمان لا قبل تلف العين ولا بعده.
نعم يمكن أن يقال إن أصالة بقاء السلطنة حاكمة على أصالة عدم الضمان بالمثل أو القيمة، لأن الشك في الضمان مسبب عن الشك في السلطنة، ومن الظاهر أنه لا مجال لجريان الأصل المسببي مع جريان الأصل السببي.