ومن هنا اتضح لك الفارق بين ما نحن فيه وبين ما تقدم، أعني به اكراه شخص واحد على أحد العقدين، بداهة أن بطلان العقد هناك من جهة الاضطرار إلى أحد البيعين بخلافه هنا، فإن البطلان فيه من جهة الاكراه، وهذا واضح.
أما الثاني، فيأتي فيه ما ذكرناه في اكراه أحد الشخصين على فعل محرم، وعليه فإن علم كل منهما أو اطمأن بصدور العقد من الآخر حكم بصحته إذا صدر منه لعدم كونه مكرها في فعله وترتب عليه جميع آثاره الوضعية والتكليفية، وإن علم أو اطمأن أو احتمل احتمالا عقلائيا بأن الآخر لا يفعله حكم ببطلانه لأنه صدر منه كرها فيكون مشمولا لحديث الرفع.
وقد ظهر لك مما ذكرناه أنه لا وجه للأخذ باطلاق كلام المصنف والحكم بأن اكراه أحد الشخصين على فعل واحد كاكراه شخص واحد على أحد الفعلين في كون كل منهما مكرها، فلاحظ وتأمل.
8 - تعلق الاكراه بالمالك دون العاقد قوله (رحمه الله): واعلم أن الاكراه قد يتعلق بالمالك.
أقول: قد يتعلق الاكراه بالمالك العاقد، وقد يتعلق بالمالك دون العاقد، وقد يتعلق بالعاقد دون المالك.
أما الأول، فقد تقدم تفصيله آنفا، وعرفت أنه يحكم ببطلان العقد الاكراهي لحديث الرفع.
أما الثاني كالاكراه على التوكيل بطلاق زوجه ووقوع الطلاق من الوكيل من غير اكراه، فلا شبهة في عدم استناد الطلاق عندئذ إلى الزوج لحديث الرفع، وعليه فيكون التوكيل بمنزلة العدم لتحققه بدون رضاء