مفهوم الانشاء وتعريفه قوله (رحمه الله): فالأولى تعريفه بأنه انشاء تمليك عين بمال.
أقول: إن واقع الانشاء المقابل للاخبار وإن كان من الأمور الواضحة التي يعرفها الصبيان والمجانين حسب مرتكزاتهم فضلا عن البالغين، إلا أنه وقع الكلام في حقيقته وفيما به يمتاز عن الاخبار.
فالمعروف بين العلماء أن الانشاء ايجاد المعنى باللفظ، ولكن هذا التعريف مزيف، لأنا ذكرنا في مبحث المشتقات من مدخل علم الأصول، أن المراد من ايجاد المعنى باللفظ إما ايجاد خارجي أو ايجاد اعتباري:
أما الايجاد الخارجي، فهو ضروري البطلان، بداهة أن الموجودات الخارجية برمتها مستندة إلى عللها الخاصة وأسبابها المعينة ومقدماتها الاعدادية، ومن الواضح الذي لا ريب فيه أن اللفظ أجنبي عنها، نعم قد يكون بعض الألفاظ من مبادي الوجود الخارجي، كالكلام العنيف المؤثر في اصفرار وجه الوجل.
إلا أن هذا غريب عن ايجاد المعنى باللفظ في نظام الوجود، كما يبعد عن ايجاد المعنى باللفظ ما هو المعروف بين أهل المعقول، من أن اللفظ وجود للمعنى في عالم اللفظ، ووجه البعد أن ذلك لا يختص بالجمل الانشائية بل يعم الجمل الخبرية والمفردات أيضا.
وأما الايجاد الاعتباري، فإن كان المراد به وجوده في نفس المتكلم فهو واضح الفساد، فإن الاعتبار النفساني من أفعال النفس، ومن المعلوم أن أفعال النفس توجد فيها بفاعليتها بلا احتياج إلى عالم الألفاظ أصلا ورأسا.
وإن كان المراد من الايجاد الاعتباري وجود المعنى في اعتبار