وعلى هذا فشأن انشاء الهبة بصيغة ملكت بالعوض شأن انشاء العقود المعاوضية، بل غيرها بصيغة سالمت أو صالحت وبالعكس، لأن مفهوم الصلح وإن كان يتفق مع العقود المعاوضية وغيرها إلا أن صدق مفهوم الصلح عليها من قبيل صدق الكلي على مصاديقه، ومن المعلوم أنه لا يمكن انشاء مفهوم الصلح - أعني به التسالم على أمر - إلا بلفظ سالمت أو صالحت، لا بلفظ البيع ولا التمليك، ولا الشراء ولا شبهها، بديهة أن المنشأ بهذه الألفاظ ليس عنوان المصالحة والمسالمة.
نعم توجد حقيقة المسالمة ومصداقها عند تحقق أي عقد من العقود، كما أن عناوين سائر العقود لا تنشأ إلا بألفاظها لا بألفاظ أخرى، إلا على القول بجواز انشاء العقود بغير ألفاظ عناوينها.
4 - الايجاب بلفظ: اشتريت قوله (رحمه الله): وأما الايجاب باشتريت.
أقول: في مفتاح الكرامة: إنه قد يقال إنه يصح الايجاب باشتريت، كما هو موجود في بعض نسخ التذكرة (1)، وقد استظهره المصنف من عبارة كل من عطف على بعت وملكت لفظ شبههما، أو لفظ ما يقوم مقامهما (2)، بدعوى أن المعطوف يعم شريت واشتريت كليهما، بديهة أن إرادة خصوص شريت من المعطوف المزبور بعيد جدا، كما أن إرادة ما يقوم مقامهما في سائر اللغات للعاجز عن العربية أبعد.
قوله (رحمه الله): لكن الاشكال المتقدم في شريت أولى بالجريان هنا، لأن شريت استعمل في القرآن الكريم في البيع بل لم يستعمل فيه إلا فيه بخلاف اشتريت.