تفصيل المصنف باعتبار العجز عن التفصي في غير المعاملات ثم إنه فصل المصنف هنا بين المعاملات وغيرها، حيث اعتبر العجز عن التفصي في حقيقة الاكراه في الثاني دون الأول، وملخص كلامه:
إن المناط في الاكراه الرافع لأثر المعاملات إنما هو عدم طيب النفس بمفاد المعاملة، ولا ريب أن هذا المعنى قد يتحقق مع امكان التفصي، ومثاله أنه لو جلس أحد في مكان خاص فأكرهه الجائر على بيع داره فإن المكره - بالفتح - وإن كان له في غير هذا المكان خدم يكفونه عن شر المكره - بالكسر - إلا أنه يكره الخروج عن مكان جلوسه ولا يتمكن في هذه الحالة من دفع ضرر الجائر عن نفسه، وعليه فالاكراه بمعنى عدم طيب النفس متحقق هنا، وحينئذ فيحكم بعدم ترتب الأثر على هذه المعاملة الصادرة من المكره.
وهذا بخلاف الاكراه على أمر محرم، كالكذب وشرب الخمر والزناء وأشباهها، فإن الشخص المزبور في المثال المذكور لا يعذر بمجرد كراهة الخروج عن ذلك المنزل، فإن المناط في الاكراه - المعتبر في تسويغ المحرمات - هو الاكراه بمعنى الجبر، والمناط في الاكراه - المعتبر في رفع الأثر عن المعاملات - هو عدم طيب النفس كما عرفته قريبا وكم فرق بينهما.
ويدل على التفرقة بين المقامين خبر ابن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يمين في غضب ولا في قطيعة رحم ولا في جبر ولا في اكراه، قال: قلت: أصلحك الله فما فرق بين الاكراه والجبر؟ قال: الجبر من السلطان يكون، والاكراه من الزوجة والأب والأم وليس ذلك بشئ (1).