فمعنى الوجوب اعتبار الفعل على ذمة المكلف، ومعنى الزوجية اعتبار كل من الزوجين عدلا للآخر، ومعنى الملكية اعتبار إحاطة المالك بالمملوك، وعلى هذا النمط كلما ورد عليك حكم من الأحكام.
وعليه فحقيقة الملكية إنما هي السلطنة والإحاطة، وهي مقولة بالتشكيك على مراتبها الأربع المتقدمة، ولا ريب في أن هذه السلطنة إنما تتعلق بالأعيان الخارجية تارة وبالأفعال أخرى، فيقال: له السلطنة على المملكة، وهو سلطان الرعية والناس مسلطون على أموالهم، وزيد مسلط على الخياطة والبناية والتكلم والكتابة، ونحو ذلك من الأفعال.
وهذا بخلاف الحق والحكم، فإنهما لا يتعلقان إلا بالأفعال، فيقال:
يباح للانسان أكل الخبز وشرب الماء، ويستحب له أكل الرمان، ويجب على المكلف الاتيان بالصلاة الواجبة وترك المحرمات، ويحرم عليه شرب المسكر وأكل الرباء واستماع الغناء، ويكره له أكل لحم الحمير والبغال.
وأيضا يقال: إن صاحب الخيار له حق فسخ العقد، والمرتهن له حق بيع العين المرهونة واستيفاء حقه من ثمنها إذا امتنع الراهن من أدائه، والزوجة لها حق المطالبة للمسكن والنفقة والمضاجعة من زوجها، والأولياء لهم حق القيام بأمور المولى عليهم، وحق المؤمن على المؤمن أن يدفع غيبته ويقضي حاجته، ويحضر جنازته ويكشف كربته.
وعلى الجملة أن الفارق بين الحق والحكم وبين الملك، أن الأولين لا يتعلقان إلا بالأفعال، بخلاف الملك فإنه يتعلق بالأعيان تارة وبالأفعال أخرى، وإليك ملاحظة الاستعمالات الصحيحة الفصيحة.
الحق والحكم وعدم وجود الفارق بينهما ما هو الفارق بين الحق والحكم؟