ووجه الاستدلال به على فساد بيع الفضولي هو، أن النهي فيه ارشاد إلى عدم نفوذ البيع، لأنا ذكرنا مرارا أن النهي عن معاملة ارشاد إلى بطلانها، والمراد من عدم حضور المبيع عند البايع هو عدم تسلطه على تسليمه لعدم كونه مملوكا له، فيكون ذلك من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم، وعليه فيدل النبوي المزبور على بطلان بيع مال الغير، سواء باعه البايع لنفسه أم باعه لمالكه.
وعليه فشأن النبوي شأن قوله (عليه السلام): لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك (1)، بناء على قراءة لفظ:
يملك بصيغة الفاعل، كما هو الظاهر من السياق، حيث إن الطلاق قبل النكاح بنفسه غير معقول، لأنه إزالة علقة الزوجية فقبل تحققها لا يتوجه القصد إلى إزالتها، وكذلك العتق.
وعليه فالمراد من الرواية هو طلاق زوجة الغير وعتق مملوكه وبيع ماله فضولا، فالمعنى أنه لا بيع إلا فيما يملكه البائع قبل العقد، وهذا موافق للأخبار المستفيضة الدالة على عدم وقوع الطلاق والعتاق إلا بعد الملك، وقد ذكرناها في الحاشية.
وأما بناء على قراءته بصيغة المفعول - كما توهم - فالرواية خارجة عن المقام، بل هي ناظرة إلى المنع عن بيع ما ليس يملك، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء، وكبيع الخمر والخنزير وكلب الهراش وطلاق الأجنبية وعتاق الحر.
ويتوجه عليه أولا: أن النبوي المزبور غير نقي السند ولا أنه منجبر بشئ، فلا يمكن الاستدلال به في المقام.
وثانيا: أن المراد من الموصول من قوله (صلى الله عليه وآله): لا تبع ما ليس عندك، إنما هو بيع العين الشخصية عن نفسه ثم يشتريها البايع من مالكها