الظاهر أن الاضطرار يوجب ارتفاع الحكم الوضعي والتكليفي كما أن الاكراه يوجب ذلك.
لا يقال: إن الاضطرار إلى ايقاع عقد أو معاملة لا يوجب ارتفاع أثره - كما تقدم - فكيف يحكم بالبطلان في المقام من جهة الاضطرار.
فإنه يقال: فرق واضح بين ما نحن فيه وبين ما تقدم، حيث إن الاضطرار هناك إنما نشأ من الجهات الخارجية، كالانفاق للزوجة وعلاج المريض وبناية الدار وخياطة الثوب وأشباه ذلك، وبيع الدار مثلا وسيلة إلى دفع الاضطرار، وهذا بخلاف المقام فإن الاضطرار فيه قد نشأ من الاكراه وهو متفرع عليه، ومن ثم كان الحكم بالبطلان في المقام موافقا للامتنان بخلاف ما تقدم.
وإذا أكره على أحد الفعلين وكان أحدهما مباحا كشرب الماء والآخر معاملة كبيع الدار واختار المكره - بالفتح - المعاملة لم يحكم ببطلانها، بداهة أنها لم تكن بخصوصها موردا للاضطرار، ولا متعلقا للاكراه إذ كان للمكره أن يختار شرب الماء، فاختياره بيع الدار ناشئ من الرضاء وطيب النفس.
3 - إذا كان الاكراه على الجامع بين البيع الصحيح والبيع الفاسد ومن هنا اتضح لك حكم ما لو أكره على الجامع بين البيع الصحيح والبيع الفاسد، فإن ما تعلق به الاكراه - أعني به الجامع - لا أثر له لكي يرتفع بالاكراه، وما له الأثر - وهو الصحيح - لا اكراه عليه حتى يوجب ارتفاع أثره، وإن كان هو أو مقابله مما لا بد من تحققه، ولكنك قد عرفت أن مجرد اللابدية لا يوجب تحقق الاكراه وإنما يوجب تحقق الاضطرار، ومن الواضح أن الاضطرار كما يندفع باختيار الفرد الصحيح كذلك يندفع