ترك واجب ثم غاب عنه بحيث لا يلتفت إلى حاله، وأنه يفعل الفعل المكره عليه أو لا يفعله فإن أحدا لم يتوهم تحقق الاكراه هنا، مع أن الملازمة المزبورة متحققة هنا في مورد المثالين جزما.
ويضاف إلى ذلك ما ذكرناه سابقا من أن المناط في بطلان معاملة المكره إنما هو انتفاء طيب النفس والرضاء، كما بنى عليه المصنف فيما سبق، ومن الواضح أن طيب النفس متحقق فيمن تمكن من التفصي بالتورية، ومعه كيف يتحقق الاكراه.
أما ما ذكره من التمسك باطلاق حديث الرفع وسائر الروايات الواردة في طلاق المكره وعتاقه والنصوص الواردة في تجويز الحلف الكاذب، بدعوى أن الظاهر منها هو عدم اعتبار العجز عن التفصي في حكم المكره عليه.
فيتوجه عليه أن التمسك بذلك أنما هو بعد احراز الموضوع أعني به تحقق الاكراه، وقد عرفت عدم تحققه مع التمكن من التفصي.
بحث حول قضية عمار أما ما ذكره من أن العجز عن التورية لو كان معتبرا في رفع الأثر عن الفعل المكره عليه لأشير إليه في قضية عمار وأبويه من جهة شفقة النبي (صلى الله عليه وآله) عليه.
فيتوجه عليه:
أولا: إن عظمة عمار ونبوغه في العلم والتقوى مانعة عن تكلمه بكلمة الكفر مع قصده إلى معناها، بل هو لم يتكلم بكلمة الكفر إلا ظاهرا بلسانه وكان قلبه مطمئنا بالايمان، وعليه فشأن تكلمه بكلمة الكفر شأن تكلم الكفار بكلمة الشهادة عند الخوف والدهشة من غير إرادة جدية، وإذن فلم تكن حاجة إلى التنبيه.