ذلك مع عدم الأمارات نظر، ولعل وجه النظر هو أن ما نحن فيه من قبيل ما لا يعلم إلا من قبل المدعي فتسمع دعواه.
ومن أن الظاهر أن هذا العقد واقع باختياره فلا تسمع دعواه الاكراه، ولكنك قد عرفت أن الاكراه على المجموع اكراه على بعضه خارجا، والاكراه بنفسه أمارة على عدم وقوع البيع عن الرضاء وطيب النفس.
ونظير ذلك ما إذا أكره الجائر أحدا على شرب كمية خاصة من الخمر فشرب نصفه برجاء أن يقتنع المكره ويرفع اليد عن اكراهه.
بحث في طلاق المكره إذا نواه قوله (رحمه الله): بقي الكلام فيما وعدنا ذكره من الفرع المذكور في التحرير، قال في التحرير: لو أكره على الطلاق فطلق ناويا فالأقرب وقوع الطلاق - انتهى (1).
أقول: قبل التعرض لشرح كلام العلامة وبيان صحته أو بطلانه يحسن بنا التعرض لصور المسألة، وإليك ما يلي:
1 - أن يكون الطلاق الصادر من المكره - بالفتح - مقترنا بالرضاء وطيب النفس من دون أن يستند وقوعه إلى الاكراه بل يقترن الطلاق بالاكراه زمانا فقط، وذلك كما إذا بني الزوج على طلاق زوجه وأكرهه الجائر عليه مع جهله بحاله، فإنه لا شبهة حينئذ في صحة طلاقه لوقوعه عن الرضاء.
2 - أن يستند صدور الطلاق إلى الكره وأوقعه المكره - بالفتح - خوفا من الضرر المتوعد عليه، ولكن مع ذلك ليس قصد المكره إلا ايقاع الطلاق حقيقة، إما من ناحية الجهل ببطلان طلاق المكره أو من جهة الاعتقاد بصحة طلاقه (2).