و الصحيح أن القول باللزوم - فيما كان أحد العوضين دينا - لا يتوقف على استحالة تملك الانسان لما في ذمته أو سلطنته عليه، وإلا فقد عرفت أن مالكية الانسان لما في ذمته بمرتبة من الامكان بل هي من أعلى مراتب المالكية، غاية الأمر أن قوام هذه المالكية بالإضافة الذاتية لا بالإضافة الاعتبارية العرضية، وكذلك تسلط الانسان على ما في ذمته فإنه بمكان من الامكان، بل القول باللزوم مبني على ما ذكرناه، من أن الأدلة قد دلت على صحة المعاطاة ولزومها من أول الأمر.
فلو قلنا بالملكية وسلمنا الاجماع على الجواز لم نقل به في المقام، لأن المتيقن من معقد الاجماع غير ما إذا كان أحد العوضين دينا، كما أنا لو قلنا بالإباحة من جهة الاجماع على عدم الملكية بالمعاطاة كان المتيقن من معقده غير ذلك أيضا، فيلتزم بالملكية وبلزومها بالمعاطاة من الأول فيما إذا كان أحد العوضين دينا في الذمة لاستحالة تراد العينين حينئذ فلا يشمله الاجماع القائم على الجواز أو الإباحة.
حكم نقل العوضين أو أحدهما بعقد لازم قوله (رحمه الله): ولو نقل العينان أو إحداهما بعقد لازم - الخ.
أقول: إذا نقلت العينان أو إحداهما بعقد لازم فلا شبهة في لزوم المعاطاة، ضرورة أن انتقال المأخوذ بالمعاطاة إلى غيره كالتلف، سواء في ذلك القول بالملك والقول بالإباحة.
وعلى هذا فلو عادت العين ثانيا إلى ملك الآخذ بالمعاطاة لم يثبت بذلك حق الرجوع لمالكها الأول لسقوطه بنقل العين إلى غيره، فعوده إليه ثانيا يحتاج إلى دليل وهو منفي، وكذلك الحال في سائر التصرفات المتوقفة على الملك.