والشاهد على ذلك أنها لا تبطل بامتناع الموهوب له عن العوض، بل إنما يثبت له خيار تخلف الشرط، وسيأتي لك توضيح ذلك عند التعرض لتعريف البيع ودفع النقوض عنه.
بحث استطرادي في تعريف الإجارة ومناقشته وجوابها قد اشتهر بين الأصحاب تعريف الإجارة بأنها تمليك المنفعة بعوض، ونوقش فيه بوجهين:
1 - إن المنفعة معدومة حال الإجارة، ومن البين الذي لا ريب فيه أن المعدوم غير قابل للتمليك.
والجواب عن ذلك: أن الملكية الشرعية ليست من المقولات الحقيقية التكوينية لكي يستحيل تعلقها بالأمور المعدومة، بل قوامها بالاعتبار الساذج، ومن المعلوم أن الأمور الاعتبارية بما أنها خفيفة المؤونة جاز تعلقها بالأمور المعدومة إذا كانت مقدورة التسليم، وبديهي أن المنفعة وإن كانت معدومة ولكنها مقدورة بتبع العين الخارجية.
وإذن فلا محذور في تعلق الملكية الاعتبارية في الإجارة بالمنفعة المعدومة الملحوظة مع العين المستأجرة، كما يصح تعلقها بالذمة، ومن هنا حكم الفقهاء (قدس سرهم) بصحة بيع الكلي في الذمة.
2 - إن منفعة الدار مثلا إنما هي سكناها، ولا ريب أن السكنى من أعراض الساكن دون الدار، وعليه فإذا صح تملك السكنى كان مالكها هو الساكن - لأنه موضوعها - لا صاحب الدار، ومن البين أن ما لم يملكه المؤجر - وهو المالك - كيف يملكه للمستأجر، وقد ثبت في محله أن فاقد الشئ لا يكون معطيا له.
هذا ملخص ما أفاده بعض المدققين، ولذا التجأ إلى تعريف الإجارة