أما الوجه الثالث، فلا شبهة في أن الإباحة فيه بمنزلة الحكم وما علقت به الإباحة بمنزلة الموضوع، وعليه فإذا تحقق الموضوع، بأن ملك المباح له ماله للمبيح، تثبت الإباحة كترتب وجوب الحج على وجود الاستطاعة الخارجية، ومن هنا ظهر حكم الوجه الرابع أيضا.
أما الوجه الخامس، فهو خارج عن حريم الإباحة المعوضة، إذ الداعي لا يعتبر عوضا، ولا يضر تخلفه في المعاوضات وغيرها.
7 - جريان المعاطاة في جميع العقود والايقاعات هل تجري المعاطاة في غير البيع من العقود والايقاعات، تحقيق المقام أنه:
إذا قلنا بأن مقتضى القاعدة هو انحصار العقود والايقاعات بالألفاظ لم تجر المعاطاة إلا في مورد قام دليل خاص من نص أو اجماع أو سيرة على جريانها فيه، وذلك لأن المعاطاة حينئذ على خلاف القاعدة فيقتصر في مخالفتها على مورد الدليل.
وإذا قلنا بأن القاعدة تقتضي صحة انشاء العقود والايقاعات بكل ما هو صالح لابراز الاعتبار النفساني، جرت المعاطاة في جميعها إلا إذا قام دليل خاص على عدم جريانها في فرد خاص، أو قام دليل خاص على انحصار مبرزه بشئ خاص.
ولكن الظاهر أنه لم يرد في آية ولا في رواية ولا في معقد اجماع انحصار المبرز في جميع العقود والايقاعات بمبرز معين، وعليه فلا بأس بالالتزام بجريان المعاطاة في جميعها إلا ما خرج بالدليل، وإذن فيكون ما هو المنشأ بالأفعال من المعاملات مشمولا للعمومات والاطلاقات الدالة على صحة العقود والايقاعات ولزومهما.