وإذن فلا نحتاج في اثبات صحة عقد الأخرس إلى التمسك بفحوى الروايات الواردة في طلاقه - ذكرناها قريبا في الحاشية - ولا إلى التمسك بفحوى الرواية الواردة في قراءته (1)، نعم تلك الروايات مؤكدة للقاعدة الأولية.
وعلى الاجمال أن مقتضى القاعدة الأولوية وفحوى الروايات الخاصة الواردة في طلاق الأخرس وقراءته هو كفاية إشارته في مقام الانشاء ما لم يدل دليل خاص على خلاف ذلك، من غير فارق بين أقسام الإشارة وكيفياتها، ولا بين ما يكون معتادا للأخرسين أو للأشخاص الآخرين وبين ما لم يكن كذلك، بل الضابطة الكلية في ذلك أن تكون الإشارة مفهمة للمراد بالنسبة إلى نوع المخاطبين والحاضرين، ولو كان الانفهام بمؤونة القرائن، كما هو الشأن في الانشاء اللفظي، بداهة أن الأفعال والأقوال سيان في حجية ظواهرها من ناحية بناء العقلاء.
ومن هنا اتضح لك جليا أن انشاء الأخرس بالإشارة محكوم بالصحة وإن لم يفد القطع بالمراد.
إشارة الأخرس وحكمها قد ذكرنا في الجزء الثاني أن البيع عبارة عن الاعتبار النفساني المبرز بمبرز خارجي، وعليه فابراز الاعتبار النفساني بالإشارة المفهمة للمراد مصداق لمفهوم البيع بالحمل الشايع فيكون مشمولا للعمومات، وعندئذ لا يلزم على الأخرس أن يستحضر الصيغة اللفظية في ذهنه لكي