أقول: تحقيق البحث في المقام أنه إذا كان المكره عليه أحد الأمرين علي سبيل التخيير دون الواحد المشخص، فهل يتحقق الاكراه باختيار كل منهما ويترتب عليه أثره أم لا.
تحقيق ذلك يقع في ناحيتين: الأولى في الأفراد العرضية، والثانية في الأفراد الطولية.
1 - إذا كان الاكراه بأحد الأمرين العرضيين أما الناحية الأولى، فقد ادعى بعض الأصحاب عدم تحقق الاكراه فيما إذا كان المكره عليه هو الجامع بين الأمرين أو أمور كثيرة، بداهة أن الفاعل مخير في اختيار أيهما، فيكون صدوره منه بطيب نفسه ورضاه، فيحكم بصحته إن كان ذلك معاملة، وبحرمة الاتيان به إن كان من المحرمات.
وقد ناقش فيه المصنف بالنقض بأنه لو لم يكن هذا مكرها عليه لم يتحقق الاكراه أصلا، إذ الموجود في الخارج دائما أحدي خصوصيات المكره عليه، إذ لا يكاد يتفق الاكراه بجزئي حقيقي من جميع الجهات، نعم هذا الفرد مختار فيه من حيث الخصوصية وإن كان مكرها عليه من حيث القدر المشترك، بمعنى أن وجود الخارجي ناشئ عن اكراه واختيار، ولذا لا يستحق المدح أو الذم باعتبار أصل الفعل ويستحقه باعتبار الخصوصية.
والجواب عن هذه المناقشة أنه فرق بين وقوع الاكراه على بيع الدار وبين وقوعه على طلاق أحدي الزوجتين أو عتاق أحد العبدين، فإن المكره عليه وإن كان كليا في كلا الموردين إذ لم يلاحظ بيع الدار من شخص خاص ولا في وقت معين، إلا أن خصوصية كل فرد من طلاق إحدى الزوجتين أو عتاق أحد العبدين محط نظر المكره - بالكسر - وهذا