ذلك وطالبهم أن يأتوا بسورة واحدة مثله (1)، وأمرهم أن يدعوا شهداءهم ويصرخوا ليستنصروا منهم ويستعينوا بهم، ولكن لم تنفعهم صارختهم واستغاثتهم واستعانتهم، ثم عجزهم بقوله عز من قائل: و لئن اجتمعت الجن والإنس - الآية (2)، فما كانوا مقرنين.
ومع ذلك كله كيف يرض المنصف بوجود الغلط في مثل هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، تعالى كلامه عزو جل عن ذلك علوا كبيرا.
وإذن فليس الاستثناء إلا قسما واحدا، وهو الاستثناء المتصل، وعليه فالاستثناء في الآية الشريفة استثناء متصل، ولو كان ذلك بالعناية.
وثانيا: لو سلمنا كون الاستثناء على قسمين ولكن الموجود في آية:، تجارة عن تراض (3) استثناء متصل، وذلك لأن الألفاظ المذكورة ليست إلا الأكل والأموال والباطل والتجارة والتراض، أما اللفظ الآخر فهو المستثنى، وأما البواقي فلا يصلح شئ منها لأن يكون مستثني منه، وهذا ظاهر.
وإذن فلا مناص إلا عن تقدير في الكلام، وقد ذكرنا غير مرة أن دخول الباء السببية على كلمة الباطل ومقابلتها في الآية مع التجارة عن تراض قرينتان على كون الآية ناظرة إلى فصل الأسباب الصحيحة للمعاملة عن الأسباب الباطلة، كما أن المراد من الأكل ليس معناه الحقيقي أعني به