وتلك القواعد ما يلي:
القاعدة الأولى إن العقود وما قام مقامها تابعة للقصود من حيث الايجاب والسلب، أي وقوع ما يقصد وعدم وقوع ما لم يقصد، ومن البين أن القول بالإباحة مخالف لهذه القاعدة ايجابا وسلبا، لأن ما قصده المتعاطيان لم يحصل في الخارج وما حصل في الخارج لم يقصده المتعاطيان.
وقد أجاب عنه المصنف بوجهين:
الوجه الأول: أن تبعية العقود للقصود فيما إذا دل الدليل على صحة العقد، بمعنى ترتب الأثر المقصود منه عليه، وعلى هذا فلا يعقل الحكم بالصحة مع عدم ترتب الأثر المزبور عليه، وهذا بخلاف ما إذا لم يدل دليل على ذلك كالعقد المعاطاتي، ولكن حكم الشارع المقدس في مورده بالإباحة، فإنه لا يلزم منه تخلف العقد عن القصد، بداهة أن الإباحة المذكورة ليست إباحة عقدية لكي يلزم من ثبوتها المحذور المزبور، بل إنما هي إباحة شرعية مترتبة على المعاطاة، ترتب الحكم على موضوعه.
وعليه فمنزلة ذلك منزلة حكم الشارع بجواز الأكل من أموال الناس في المخمصة والمجاعة، وبجواز أكل المارة من ثمرة الشجرة التي تمر بها وإن لم يرض المالك بذلك - انتهى ملخص كلامه في الوجه الأول (1).