2 - اعتبار القصد إلى مدلول العقد في صحته قوله (رحمه الله): مسألة: ومن جملة شرائط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد الذي يتلفظان به.
أقول: قد اتفقت كلمات الأصحاب (قدس سرهم) على هذا الشرط، حتى أرسلوه في كتبهم الفقهية إرسال المسلمات، ولذا لم ينقل الخلاف هنا من أحد، بل في التذكرة ادعي الاجماع على ذلك.
ولا يخفي عليك أن الفقهاء وإن أصابوا في أصل اعتبار القصد في العقد إلا أنهم قد أخطأوا في أخذه من شرائط المتعاقدين أو العقد، بل إنما هو من مقوماته بحيث لا يتحقق مفهومه بدون القصد.
وتوضيح ذلك اجمالا: أنا ذكرنا في المباحث السابقة أن البيع مثلا ليس عبارة عن الانشاء الساذج، سواء أكان الانشاء بمعنى الايجاد المعنى باللفظ كما هو المعروف بين الأصوليين وغيرهم، أم كان عبارة عن إظهار أمر نفساني بمبرز كما هو المختار عندنا، ولا أن البيع عبارة عن مجرد الاعتبار النفساني من دون إظهاره في الخارج بمبرز وإلا لزم تحققه بمجرد اعتبار البائع ملكية ماله لشخص آخر بإزاء الثمن وإن لم يظهر اعتباره بمظهر خارجي، ولا ريب أن كل ذلك بديهي البطلان.
بل حقيقة البيع عبارة عن الاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي، سواءا أمضاه العرف والشرع أم لا، وسواء أكان في العالم شرع وعرف أم لا، وهكذا الكلام سائر الأمور الانشائية برمتها من العقود والايقاعات والأوامر والنواهي وغيرها، وإذن فلا يوجد أي عقد أو ايقاع إلا بالقصد الذي هو فعل نفساني مع إظهاره بمبرز خارجي، وإذا انتفى أحدهما انتفى الآخر، فإن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه.