نعم ادعى الاجماع على اعتبار اللفظ الصريح في صحة الانشاء، ولكن المتيقن منه - على تقدير تسليمه - إنما هو اعتبار الصراحة في اللفظ لأجل دلالته على تعين عقد خاص وتميزه عما عداه من العقود، لا من حيث تميز ايجاب كل عقد عن قبوله.
بحث في ألفاظ القبول قوله (رحمه الله): وأما القبول - الخ.
أقول: لا شبهة في جواز القبول بلفظ قبلت ورضيت وتملكت وملكت - مخففا - واشتريت وابتعت وشريت، ولا يضر الاشتراك اللفظي في بعض هذه الألفاظ مع قيام القرينة المقالية أو الحالية على تعيين المراد، وهذا واضح لا خفاء فيه، وأما أمضيت وأنفذت وأجزت، فذكر المصنف فيها وجهين ولم يرجح أحدهما.
وذكر شيخنا المحقق أن جواز القبول بهذه الألفاظ مبني على جواز العقد بالكنايات، بدعوى: أن عنوان الامضاء والإجازة والانفاذ لا يتعلق إلا بما له مضي وجواز ونفوذ، وما يترقب منه ذلك هو السبب التام، وهو العقد لتقوم السبب المترقب منه التأثير في الملكية بالايجاب والقبول معا، فلا معنى للتسبب بقوله أمضيت وأجزت وأنفذت إلا في مثل العقد الفضولي لا بالإضافة إلى الايجاب فقط إلا بنحو الكناية.
ويرد عليه: أن المعاملة الفضولية والايجاب الساذج سيان في عدم تأثيرهما في المنشأ مع قطع النظر عن الامضاء والإجازة والانفاذ، ففعلية التأثير فيهما تتوقف على تحقق الإجازة والقبول، فكما لا مانع من تتميم العقد الفضولي وإضافته إلى نفسه بالألفاظ المذكورة، كذلك لا مانع من قبول الايجاب بها.