الأولى - والظاهر أنه لا احتياج إلى هذه المقدمة -: إن التصرف في مال الغير قبيح عقلا ونقلا، وهذا ظاهر لا شبهة فيه.
الثانية: إن الفضولي متصرف في مال الغير بالعقد عليه بدون إذنه، لأنه لم يقصد بعقده الهزل والهذيان وإلا كان انشاؤه لغوا محضا وساقطا عن درجة الاعتبار، وإنما قصد النقل والانتقال حقيقة، ولا ريب في كون ذلك تصرفا.
الثالثة: إن التصرف في مال الغير حرام، للروايات الدالة على حرمة التصرف فيها بدون إذن مالكها، فنتيجة هذه المقدمات هي بطلان عقد الفضولي، لأن النهي يقتضي الفساد كما حقق في محله.
وفيه:
أولا: إن مجرد انشاء البيع لا يعد تصرفا في المبيع عند العرف، لا تصرفا خارجيا ولا تصرفا اعتباريا، سواء أكان ذلك بإذن المالك كالوكيل في اجراء الصيغة أم كان بدون إذنه كالفضولي، وذلك لأن التصرف في المال عبارة عن ايجاد ما هو من شؤون المالك، سواء أكان ذلك تصرفا خارجيا كالأكل والشرب والاستظلال تحت الخيمة أم كان تصرفا اعتباريا كالبيع والإجارة ونحوهما.
وهذا بخلاف الفضولي فإنه وإن لم يكن هازلا في انشائه، ولا غالطا ولا ساهيا ولا لاغيا ولا لاهيا ولا مستهزئا ولا سكرانا، بل إنما هو قصد البيع إلا أنه يري نفسه نائبا عن المالك وباع ماله فضولا متوقعا لإجازته، بحيث لا يصدق عنوان البيع على انشائه صدقا حقيقيا إلا بعد الإجازة التي بها يتحقق التصرف الاعتباري في المبيع ويستند البيع إلى المالك المجيز لا بالانشاء الساذج الفضولي.
وثانيا: إنا لو سلمنا كون الانشاء الخالص تصرفا في المبيع ولكنه