4 - الاستدلال بآية التجارة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم (1)، فإن الآية الشريفة قد دلت على انحصار جواز التصرف في أموال الناس بما يكون تجارة عن تراض عرفا، والبيع المعاطاتي كذلك، وبيان ذلك بوجهين:
الوجه الأول: أن المراد من الأكل في الآية الكريمة ليس هو الازدراد على ما هو معناه الحقيقي، بل إنما هو كناية عن التملك، وإن لم يكن ذلك المال من جنس المأكولات كالدار والبستان والدكان وأشباه ذلك، وقد تعارف هذا النحو من الاستعمال في القرآن الكريم وفي كلمات الفصحاء، بل في غير لغة العربية أيضا.
ثم إن دخول كلمة الباء السببية على كلمة الباطل ومقابلتها في الآية مع التجارة عن تراض قرينتان على توجه الآية إلى فصل الأسباب الصحيحة للمعاملة عن الأسباب الفاسدة.
وعليه فإن كان الاستثناء متصلا - كما هو الظاهر والموافق للقواعد العربية - كان مفاد الآية أنه لا يجوز تملك أموال الناس بسبب من الأسباب فإنه باطل، إلا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض، وإذن فتفيد الآية حصر الأسباب الصحيحة للمعاملة بالتجارة عن تراض، وإن كان الاستثناء منقطعا كانت الآية ظاهرة ابتداء في بيان الكبرى الكلية لكل واحد من أكل المال بالباطل والتجارة عن تراض من غير أن تتعرض للحصر.