بحث في التصرفات المتوقفة على الملك أقول: يقع الكلام في التصرفات المتوقفة على الملك في ناحيتين:
الناحية الأولى: أنه هل تشرع هذه التصرفات لغير المالك، لا ريب في أنها قد تكون تكوينية وقد تكون اعتبارية:
أما التصرفات التكوينية، فلا تجوز لغير المالك وإن كان صدورها عنه بعنوان النيابة عن المالك، وبيان ذلك: أنه إذا دل دليل بالخصوص على جواز تلك التصرفات التكوينية لغير المالك أخذ به، كوطي الجارية المملوكة الثابت جوازه بالتحليل، وإن لم يدل دليل خاص على ذلك، فلا يمكن اثباته بدليل السلطنة لأنه ناظر إلى جواز التصرفات التي هي مشروعة للمالك مع قطع النظر عن دليل السلطنة، وأن هذا الدليل يثبت عدم كون المالك ممنوعا عن تلك التصرفات.
وأما التصرفات التي نشك في مشروعيتها أو نعلم بعدم مشروعيتها فلا تكون مشمولة لدليل السلطنة، لعدم كونه مشرعا، وعلى هذا فلو أذن المالك لأحد في التصرف في ماله تصرفا متوقفا على الملك لم يمكن اثبات مشروعيته بدليل السلطنة هذا كله في التصرفات التكوينية.
أما التصرفات الاعتبارية، فلا تتوقف صحتها على الملك بل لا تتوقف صحتها على إذن المالك وتوكيله، لما سيأتي من الحكم بصحة العقود الفضولية التي لحقتها إجازة المالك.
نعم ربما يتوهم قيام الاجماع على بطلان العتاق الصادر من غير المالك، سواء أكان ذلك بإذن المالك أم كان فضوليا، ضرورة أن إذن المالك لا يؤثر في مشروعية التصرفات المتوقفة على الملك، وإنما يؤثر إذنه في رفع الحرمة التكليفية فقط، وإذن فمنزلة العتاق منزلة الطلاق،