تعاريف الفقهاء للبيع والمناقشة فيها لا يخفى على الناقد البصير أن البيع ليس انشاء ساذجا، وإن علم عدم تحقق الاعتبار النفساني، وإلا لصدق مفهوم البيع على بيع الهازل والساهي والنائم والسكران وأمثالهم، ولا أنه صرف الاعتبار النفساني، وإن لم يقترن به المظهر الخارجي، وإلا لصدق مفهوم البيع على الاعتبار النفساني المحض من دون ابرازه بمبرز خارجي، وهو باطل بالضرورة، بل حقيقة البيع هي الاعتبار النفساني المظهر بمظهر خارجي، سواء أكان ذلك ممضى للشارع أو للعقلاء أم لم يكن كذلك، وعليه فإذا اعتبر أحد تبديل ماله بمال غيره في أفق نفسه ثم أظهر ذلك بمبرز خارجي صدق عليه مفهوم البيع جزما.
وكذلك الحال في سائر الأمور الانشائية، من العقود والايقاعات، والأوامر والنواهي، فإن معنى الأمر - مثلا - ليس انشاء خالصا ولا اعتبارا ساذجا، بل هو الاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي.
وإذا اطلعت على ما ذكرناه في معنى الانشاء ولاحظت ما بيناه في معنى المبادلة، جاز لك تعريف البيع بأنه انشاء تبديل شئ من الأعيان بعوض في جهة الإضافة.